عبد اللطيف البوني

حرامية ظريفين بالشوكة والسكين


حرامية ظريفين بالشوكة والسكين
قلنا أن المدخلات الزراعية أصبحت مدخلا لفساد كبير إذ أن القائمين عليها يعتبرونها فرصة (للسفسفة) وهذا يبدأ من عمليات الحرث ومن التواريب ومن المبيدات والخيش والذي منه وقلنا ان الحل هو أن تكون في يد المزارع كل مصروفاته التي يحتاجها لشراء مدخلاته والتي تمكنه من القيام بكل عملياته الزراعية وهذا يفترض أن تكون هذه المدخلات متوفرة في السوق أي تسمح الدولة لكل التجار الراغبين في التعامل التجاري مع مدخلات الزراعة واذا ارادت الدولة تشجيع الزراعة يجب ان تعفيها من الضرائب والأتاوات المختلفة ولا نقول دعمها لأن هذا مستحيل.
بعض المزارعين لديهم القدرة على تمويل انفسهم ولو أخذنا الجزيرة كمثال فإن محاصيل مثل الذرة والفول والخضروات من طماطم وبطيخ وغيرها هذه يمولها المزارع من جيبه منذ نشأة المشروع وأحيانا يدخل في شراكات مع العمال الزراعيين فالقطن وحده هو الذي تموله الدولة واحيانا نادرة القمح وبما أن القطن كان عبارة عن مأكلة لكارتيل القطن وعائده دوما غير مجزي للمزارع فإنه كان يزرعه تحت وطأة التهديد بعدم ري محاصيله الأخرى فالآن تم التحرير في قانون 2005 فأقلع المزارع عن زراعة القطن وفي الموسم الماضي زرعت في الجزيرة اقل من 40 الف فدان بعد أن كان متوسط مايزرع في الجزيرة (ايام الجبرية) 400 الف فدان في المتوسط ولكن القطن عادت له مكانته العالمية فإرتفعت اسعاره في الموسم الماضي إرتفاعا كبيرا ويقول الخبراء إن هذا الاتفاع سوف يستمر لعدة سنوات قادمة نتيجة لمتغيرات مناخية في آسيا وهنا كشرت شركة القطن عن انيابها وارادت التكويش على الارتفاع في العائد واعطاء المزارع الفتات فقررت الدخول في التمويل وصاغت عقدا ما أنزل الله به من سلطان تكلمنا عنه كثيرا ثم وعن طريق الفساد السياسي ارادت الشركة منع أي ممول آخر الدخول في تمويل القطن ولكن اخيرا وبعد (ملاواة) قرر البنك الزراعي الدخول في تمويل القطن بالتعامل المباشر مع المزارع كفرد وفقا للضوابط المصرفية المعروفة.
أكاد أجزم أن قرار البنك الزراعي هذا أكبر تطور يحدث في مشروع الجزيرة منذ نشأته لأنه سوف يفتح الباب للتمويل الذاتي هذا بعد أن يتاكد المزارع أن محصول القطن لن يغترب عنه وذلك بأن يشتري المزارع مدخلاته من سوق الله أكبر حتى المبيد (تاني رش طائرات مافينا) ثم يحصد قطنه ويضعه في حوشه ليأتي المشتري ومعه الفريز والوزان والمحاسب والشاحنة وهاك يا (يفتح الله ويستر الله) وبهذا سيكون مزارع الجزيره مثل رصيفه في مصر وباكستان وفنزويلا وكل بلاد الدنيا.. أقسم بالله العظيم لو حدث هذا فان أفقر مزارع لن يحتاج لتمويل إلا لموسم واحد. الحكاية كلها ياجماعة الخير تكمن في عدم الثقة والاستلاب فبعض المزارعين كانوا يبيعون السماد الذي يصرف لهم لانهم يعتبرون أن القطن ليس محصولهم بل يزرعونه سخرة
إن خطوة البنك الزراعي بتمويل زراعة القطن هذا الموسم لن تمر بسهولة لانها تهدد مصالح (حرامية) كثر كل آليات الفساد المؤسسي سوف تتحرك لافشال هذه الخطوة سوف يقومون بعمل الكثير من (الكلتشات) سوف يحضرون التواريب المضروبة سوف يعيقون عمليات الرى سوف يصرون على الرش بالطائرات لزوم الاحتكار سوف يتآمرون في التسويق سوف… سوف… ولكن إذا دعم البنك تدخله الحميد هذا بتمويل إستيراد مدخلات الانتاج للتجار وإذا فتحت ادارة المشروع عينها قدر الريال ابوعشرة للري والعمليات الفلاحية واذا صدق العزم من الدولة انها فعلا تقف في صف المزارع من أجل زيادة الانتاج وإذا أيقن المزارع إنه أمام فجر جديد سوف ينتصر الخير إن شاء الله ويسقط الفساد إن شاء الله وبالضربة القاضية وسيكون عندنا حرامية تفتيحة يأكلون بالشوكة والسكين وليس بالكوريق كما يفعل القائمون الآن

حاطب ليل – السوداني
[email]aalbony@yahoo.com[/email]