زهير السراج

قروش أهل الذمة ..!!


قروش أهل الذمة ..!!
ما ذنب الجنوبيين المقيمين بالشمال حتى يؤخذوا بجرائر غيرهم، ويسمعون كل يوم تهديدا من مسؤول كبير بطردهم من الشمال عند الانفصال ومعاملتهم معاملة المجرمين المقيمين بطريقة غير شرعية ..؟!

* يا من تدّعون تطبيق الدين الحنيف ــ والدين منكم ومن أفعالكم وأقوالكم بريء ــ اذا كان الاسلام يجيز إجارة الكافر، فما بالك بأشخاص يؤمنون بالله، ولقد اختاروا ان يقيموا بيننا فى الشمال، ويشاركوننا فى كل انواع الخدمة الوطنية بما فيها الجندية، ولهم جذور عميقة وأسر فى الشمال، وربما يكونوا قد أعطوا أصواتهم للوحدة فى الاستفتاء، وفوق ذلك فهم ما زالوا حتى هذه اللحظة مواطنين سودانيين لهم كامل حقوق المواطنة والأهلية السودانية، فلماذا يخرج كل يوم مسؤول رفيع- على أعلى مستوى- يبث الرعب في قلوبهم ويهددهم بالتشريد والطرد ومعاملة المجرمين عندما تحين لحظة الانفصال ؟!

* هب أن هذا هو ما يفرضه الواقع الجديد الذى أفرزته اتفاقية السلام ، فأين الرحمة فى قلوبكم، وأين حقوق الانسان فى مواثيقكم، بغض النظر عن دينه وموطنه وجنسه .. وإذا انعدمت الرحمة فى قلوبكم يا من تدّعون تطبيق الدين الحنيف، وهو بريء منكم ومن أفعالكم وأقوالكم وفسادكم الذي يزكم الأنوف، فما هو القانون الذي يخولكم إرهاب وتهديد مواطنين ما زالوا حتى هذه اللحظة يحملون الجنسية السودانية التى تحتم معاملتهم بكل ما توفره لهم من حقوق، ومنها العيش في أمان، بعيدا عن الخوف والتهديد بالطرد والتشريد، ومعاملتهم كالمقيمين بطريقة غير شرعية بالإلقاء فى السجون إذا لم يتركوا الشمال من تلقاء انفسهم قبل الموعد الرسمي للانفصال ؟!

* وإذا تجاهلنا القانون باعتبار انكم تعتبرون أنفسكم فوق القانون، بل لا تعترفون أصلا بوجوده، وإذا وجد مصادفة تلعبون به كما تريدون .. تركلونه يمينا تارة أو يساراً تارة أخرى؛ حسب اتجاه مصالحكم وملذاتكم التى لا تحدها حدود، فأين هو الدين الذى تتشدقون بتطبيقه، وهو الذى يلزم الحاكم المسلم بإخراج الزكاة للمؤلفة قلوبهم، وليس فقط احتضانهم وحمايتهم وتحبيبهم فى الدين الإسلامي بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة.. وأي مؤلفة قلوبهم أفضل من أشخاص آثروا أن يعيشوا بيننا، وينتموا إلينا ولا يغادرونا الى الوطن الذى سيوفر لهم بالتـأكيد حقوق مواطنة أفضل، ان لم يوفر لهم حياة أفضل ؟!

* وهب أنكم لا تفهمون كل ذلك.. أليس بإمكانكم- يا من تدّعون معرفة الدين الحنيف وتطبيقه، وهو بريء منكم ومن أفعالكم وأقوالكم وانتمائكم الزائف له ــ أن تعتبروهم (أهل ذمة) وتفرضوا عليهم الجزية مقابل ان يعيشوا بينكم فى سلام ، وفى المقابل تمتلئ خزائنكم وكروشكم أكثر مما هي ممتلئة، ام أن الحقد العنصري أعمى أبصاركم وبصائركم حتى من رؤية قروش أهل الذمة التى ستزيد كروشكم تضخما ؟!

مناظير
زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email] جريدة الأخبار، 27 مايو 2003