تحقيقات وتقارير

في البرلمان ..(ألفة) وجرس وغياب

[ALIGN=JUSTIFY]أطلق أحد نواب المجلس الوطني على موظف في ادارة الشؤون البرلمانية لقب الألفة؛ لملاحقته النواب وحثهم على التوجه نحو قاعة الجلسات بعد أن فشل الجرس الذي أعيى ذراع الحاجب من كثرة هزه ولا حياة لمن تنادى، والنواب يتجاذبون الأحاديث الجانبية في أروقة البرلمان والوجبات الساخنة والمشروبات الباردة داخل الكفتريا، وآخرون يفضلون الاطلاع على الصحف اليومية داخل المكتبة وأخيراً «أي أمس»، رأت لجنة المرأة والطفل التي تترأسها مروة جكنون، أن تنفذ نشاط اللجنة اثناء انعقاد الجلسة فاصطف أعضاء اللجنة بقيادة مروة جكنون ونائبها إلى جانب نواب في لجان أخرى قارب العدد العشرين نائبا أمام مبنى البرلمان عند العاشرة صباحاً موعد انعقاد الجلسة التي كانت مخصصة لاجازة ثلاثة قوانين متخصصة متعلقة بالقياس والمعايرة والمعادن والأحجار النفيسة والصحة، وتوجهوا لخارج البرلمان لزيارة المعتقلين الاطفال من حركة العدل والمساواة.
والمتعارف أن اللجان البرلمانية تنفذ نشاطاتها المختلفة بعد انتهاء الجلسات أو اثناء عطلة البرلمان أو في الأيام الثلاثة التي لا تعقد فيها جلسات، الاجراء الذي قامت به لجنة المرأة والطفل لاقى استنكارا ورفضا من نواب البرلمان الذين وصفوه بالغريب.
وبالرجوع لغياب النواب المتكرر عن جلسات البرلمان برغم وجود بعضهم داخل أروقته، أثناء انعقاد الجلسات ولوقت متأخر من انتهاء الجلسة نجد أن غالبية جلسات البرلمان لا تتجاوز الساعتين حيث ان اللائحة تنص على أن تبدأ الجلسة عند العاشرة صباحاً وتنتهي الساعة الواحدة ظهراً، وكثيراً ما تبدأ الجلسة الساعة الحادية عشرة برغم تواجد النواب داخل البرلمان وعندما تدق الساعة العاشرة احياناً لا يتجاوز عدد المتواجدين داخل الجلسة العشرة نواب وأحياناً أخرى نائبان فقط.
وسبق ان تم رفع جلسة برلمانية بسبب عدم اكتمال النصاب ورئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر ونوابه الاثنان سئموا من حث النواب على حضور الجلسات في الزمن المحدد، خاصة وان بعض النواب اذا تجاوزت الجلسة الساعة الواحدة يبدأون في التملل هذا بالنسبة لمن بقي منهم الى نهايتها .. ويسوق النواب جملة من المبررات لعدم حضورهم الجلسات، ويقول النائب البرلماني عن كتلة سلام دارفور محمد نور الدين آدم ل «الصحافة» ترجع اسباب عدم حرص اغلب النواب على حضور الجلسات لقضايا كثيرة ومتشابكة اولها عدم قناعتهم بجدوى ما يقومون به لا سيما وان كثيرا من قرارات وتوصيات المجلس الوطني لا تجد الاذن الصاغية، مما يسبب الاحباط وثانيها ان بعض النواب ينشغلون بأعمالهم الخاصة وثالثها ان هناك نوابا تنحصر ادوارهم في تنفيذ الدور المناط بهم من قبل هيئاتهم البرلمانية بالنسبة للحضور والتصويت في المسائل والقضايا المهمة كجزء من اداء الواجب. واضاف ويأتي فوق كل ذلك ان المجلس الوطني معين ممايضعف من قوة النائب؛ لأن النائب ليس له سند شعبي يعتمد عليه ليقول رأيه بكل شجاعة وجرأة.
واعتبر نور الدين وجود النواب داخل البرلمان اثناء الجلسات دون حضورها رغم التوقيع على دفتر الحضورالذي يتقاضون عليه مبلغ في حدود (53) جنيه بأنه نوع من التمرد. وقال «هذه ظاهرة موجودة وسط النواب ولا استطيع ان انفيها، ولكن السبب الرئيسي فيها ان من يفعل ذلك لا يحس انه يقوم بعمل مجدٍ داخل الجلسة». وانتقد لجنة المرأة والطفل ووصف قيامها بنشاطات خاصة باللجنة اثناء انعقاد الجلسات بالعمل غير السليم والمبرر. واوضح «نشاطات اللجان عادة تتم عقب الجلسات في ايام عطلة البرلمان باستثناء الامور الطارئة».
واتفق النائب البرلماني عن كتلة الحركة الشعبية البروفيسور ابو القاسم سيف الدين مع ما ذهب اليه نور الدين من مبررات لغياب النواب عن الجلسات، واضاف عليها «ان البرامج التي تطرح على البرلمان احيانا تكون ميتة وطاردة وتكون سببا في تسرب النواب من الجلسة وغياب الاخرين عنها».
ووصف اجراء لجنة المرأة والطفل بالامر الغريب واضاف «العجلة في شنو؟» وقال عطلات البرلمان كافية لتمكين اللجان من ممارسة نشاطها والتفرغ للجلسات لثلاثة ايام لا تعقد فيها أية جلسات اضافة للعطلة الرسمية واوضح «ولا اظن ان قضية الاطفال المنتسبين لحركة العدل والمساواة قضية مهمة تقتضي التغيب عن الجلسة الا اذا رأوا ان المواضيع المطروحة في الجلسة غير مهمة»، ووضع رئيس لجنة السلام والمصالحة الوطنية د. علي احمد السيد حلولا لجذب النواب نحو الجلسات بتنويع المواضيع المطروحة، وقال: هناك نواب ينظرون لبعض القوانين بأنها غير مهمة ولا جدوى من حضور مناقشتها خاصة في مراحلها الاخيرة التي تعتبر كلاسيكية بقراءة القانون مادة مادة الامر الذي يحس معه النائب بالملل. وذكر ان البرلمان يفتقر للمعارضة والحكومة الحقيقيتين، وانتقد د. السيد الاتجاه لعقد نشاطات اللجان اثناء الجلسات. وقال: الوضع الصحيح ان لا تعيق نشاطات اللجان حضور النواب للجلسة.
واتفق نائب رئيس المجلس الوطني اتيم قرنق مع ضرورة ان تتم نشاطات اللجان بعيدا عن التأثير على الجلسات، وقال لـ «الصحافة»: يفترض ان لا تتجه اية لجنة لتنفيذ نشاطات الا في حالات الطوارئ كقضايا مختصة بالامن وخلافه. واكد ان غياب النواب يمثل حالة مرضية بالنسبة للبرلمان، ووصفه بغير السليم، وقال: الغياب عن جلسات البرلمان لا سيما دون اذن يؤكد وجود مشكلة في مكان ما.
وقال رئيس الدائرة العدلية بالمؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام ان المبررات التي ساقها النواب بشأن الغياب منطقياً غير مقبولة، ولكن لظروف التعيين تعتبر مقبولة، خاصة وان البرلمان يمثل وظيفة أكثر من انها وكالة عن الشعب. وتساءل عمر اذا كان في مقدور المجلس الوطني تبني خط يقيد من سلطات جهاز الأمن؟ واضاف «النائب المعين ليست لديه مصلحة في أن يقوم البرلمان بدور فعال لا سيما وان عقليته مرتبطة بالنظام وايضاً مصالحه» واردف «من مصلحة النظام ان يتغيبوا هكذا وهم باللامبلاة حققوا تلك الرغبة، والتعيين كسر فيهم تلك الروح». وزاد «هم نواب حكومة وليسوا نواب شعب، فقد مرت ثلاثة أعوام على توقيع الدستور الانتقالي دون ان يتحرك البرلمان في تعديل القوانين المخالفة لوثيقة الحقوق».
الصحافه علوية مختار
[/ALIGN]