هنادي محمد عبد المجيد
عبادات ملائكية

في المقام الأول ثم تنزلت لمقامات الآدمية فبرع فيها الصالحون منهم الأنبياء والرسل ثم المعتصمون بحبل الله علي جميع مدارجهم ومسالكهم ،، هي أدوات للوصول للمقامات ،، والبارع هو من يستطيع تطويعها وتفعيلها ،، <التأمل>هو تدبر الشئ وإعادة النظر فيه مرة بعد مرة بعد أخرى ليتم التحقق إذا فهو إستعمال الفكر ،،[ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءآياته وليتذكر أولوا الألباب] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :” بت عند خالتي ميمونة فتحدث رسول الله ص مع أهله ساعة ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر قعد فنظر إلى السماءفقال:[ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ]ثم قام فتوضأ واستن، فصلى إحدى عشر ركعة ، ثم أذن بلال فصلى ركعتين ، ثم خرج فصلى الصبح”وعن عون بن عبد الله قال : قلت: لأم الدرداء، أي عبادة أبي الدرداء كان أكثر ، قالت: ” التفكر والإعتبار”لأن التأمل سبيل للإتعاظ والتذكر ، وهو من جملة العبادات التي يعمل فيها المرء فكره وعقله ،،
<التبتل>يراد بالتبتل في الإصطلاح أحد أمرين :الأول : الإنقطاع إلى الله تعالى في العبادة وإخلاص النية انقطاعا يختص به ، يقول تعالى:[ واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا] و من معنى التبتل قوله تعالى:[ فإذا فرغت فانصب ،وإلى ربك فارغب] المعنى الثاني : يعني الإنقطاع عن النكاح ، والأول مأمور به شرعا ، والثاني منهي عنه، والبتول صفة للسيدة مريم أخذت من هذا المعنى الثاني لأنها انقطعت عن الأزواج.ومن الأحاديث التي جاءت بالنهي عن التبتل بالمعنى الثاني ما جاء عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:” رد رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا؛ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نغزو مع رسول الله ص وليس لنا شيئ فقلنا ألا نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب ثم قرأ علينا[ يآيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين] وللتبتل المأمور به فوائد منها: أنه ينقي القلب وينير الفؤاد ، وهو دليل على قوة الصلة وتمام الإخلاص ، كما أنه يثمر عظيم الثواب ورضا رب الأرباب ،وأما المنهي عنه فله مضار على الفرد وعلى المجتمع الذي يعيش فيه، فإن الله تعالى غرس في الإنسان شهوة لابد وأن تجد لها طريقا في الحلال وكبتها وحبسها كثيرا ما يصيب الجسم بالأمراض ، والعقل بالأفكار الرديئة والنفس بالهمم الدنيئة، كما أنه يتعارض مع حكمة من الحكم البليغة التي لأجلها خلق الله الخلق ألا وهي الإستخلاف في الأرض ، ومعلوم أن سبيل ذلك هو التناسل بين بني البشر ، فضلا عن الكثير من الأمراض الإجتماعية التي تتكاثر ويستعصي علاجها في حالة العزوف عن الزواج وهنا تتجلى مرونة وسماحة الدين الإسلامي على غيره من الأديان الأخرى التي أمرت بالغلو في التدين .
<التدبر> وهو النظر في عواقب الأمور وهو قريب من التفكر ألا أن التفكر تصرف القلب بالنظر في الدليل ، والتدبر تصرفه بالنظر في العواقب ، قال تعالى :[ كتب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولوا الألباب] وقال :[ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها] وعن ابن مسعود قال :قال رسول الله ص:{ إقرأ علي} قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: { إني أشتهي أن أسمعه من غيري} قال: فقرأت حتى بلغت [ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا]قال لي:{ كف أو أمسك} فرأيت عينيه تذرفان ،، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا تلا هذه الآية :[ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون] قال: {بلى يارب ، بلى يارب،}إن التدبر يفضي إلى رسوخ الإيمان في القلب ، ويقوي الرغبة والرهبة في نفس صاحبه ، ومن ثمراته : حصول العلم وتعقل المعاني كما أنه يحفز على العمل ويورث التذكر والإعتبار.ونفرد للتذكر مقاما قريبا للتعريف إنشاء الله ،، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ،، اللهم آمين .[/SIZE]
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]
