عبد اللطيف البوني

ياناس يا.. سيموبيا ظهر


ياناس يا.. سيموبيا ظهر
تقول الطرفة إن الكلب اعتاد أن يذهب إلى الكوشة فيجد (الغنماية) قد سبقته فعندما يصل تولي تاركة المجال له، واذا تلكأت يهجم عليها فتفر هاربة، وذات يوم جاء كعادته فلم تتحرك الغنماية، فاقترب منها فثبتت في مكانها، أراد الهجوم عليها فأفردت قرنها لمقاومته، فتراجع فأقبلت عليه فولى هاربا، وبعد أن اطمأن أنها لن تنال منه وقف والتفت إليها قائلا: (يابت الغنم الليلة جنيتي ولا شنو؟)
لعل هذا لسان حال أمريكا وما يسمى بالمجموعة الدولية مع حكومة السودان، فقد اعتادت منها السمع والطاعة فنفذت نيفاشا (حتة حتة) إلى أن وصلت بالسودان إلى دولتين ووافقت على بروتوكول أبيي وخصوصية جبال النوبة والنيل الأزرق، ثم كان المبعوثون الأمريكان قرايشن ودانفورث وليمان وغيرهم والشيخ كيري يغدون ويروحون ولا يقابلون رئيس الجمهورية بحجة أنه مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، ويطلبون من يريدون مقابلته من نواب رئيس ومستشارين له ووزراء وزعماء أحزاب، ولكن فجأة تلبثت حكومة السودان حالة جديدة فدخلت القوات المسلحة أبيي ووصلت بحر العرب ردا على اعتداء الحركة الشعبية ثم الأهم أنها فعلت ذلك ومجلس الأمن بسوزانه في الخرطوم لا بل فرضت عليه الذين يجتمعون به فحرمت عليه مقابلة نائب الرئيس ومستشاريه ووزير الخارحية وأعطته وفدا برئاسة وزير دولة على طريقة حبوبتنا عليها الرحمة (التكيل لي اكيل لها والتمسح لي امسح لها)
يبدو أن أمريكا والمجتمع الدولي ما زالوا في حالة ذهول من موقف الحكومة الجديد وما زالوا واقعين تحت تأثير المفاجأة بما أن هؤلاء الغربيين علميون لا يقدمون على شيء إلا بعد دراسة وافية فإنهم حتى هذه اللحظة يدرسون في دوافع حكومة السودان في موقفها (المجنون) هذا وبعد ذلك سوف يردون بما يخدم مصالحهم وقد يجدون في ما حصل فرصة أو ذريعة لعمل كانوا يخططون له منذ أمد، فهؤلاء القوم بطونهم غريقة. بالمقابل سوف نفترض أن حكومة السودان قد قرأت الموقف الدولي والمحلي فاتخذت ما اتخذت أو ربما يكون موقفها ناجما من حالة يأس من إعمار علاقتها بالغرب وأمريكا خاصة فأردات أن تصل بصراعها معهم إلى حافة الهاوية كما قال رئيس وفد الحكومة لمقابلة مجلس الأمن: الموقف الآن أن الإدارة الأمريكية تصر على إبقاء مسألة أبيي ساخنة (انظر تصريحات سوزان رايس) لتشكلها فيما بعد كما تريد. الحركة الشعبية في الجنوب تجنح نحو التهدئة والدكتور (الباسم) رياك مشار في الخرطوم (يجب أن نضع كذا خط تحت اسم رياك مشار) حكومة السودان قالت إنها لا تمانع من الانسحاب من أبيي شريطة أن يكون ذلك بندا في تسوية كاملة تنهي الكثير من النقاط العالقة بين الطرفين، وهذه النقاط منها المعلن ومنها المخفي ولكن الأخطر ما قاله سيموبيا، هل تذكرونه؟ إنه وسيط نيفاشا وهو أن أبيي يمكن أن تكون جمهورية صغيرة مستقلة بين البلدين وضرب مثلا لذلك جمهورية لوسوتو في افريقيا الجنوبية يعني زي ما تقول جمهورية موز جديدة في وسط السودان وبالتالي وسط افريقيا، قد يبدو كلام سيموبيا الآن كصوت طفلة وسط اللمة منسية ولكن الأمر المؤكد أنه كلام له ما بعده فهذا الجنرال لا ينطق بلسانه ولا بفكره المحدود إنما ينطق باسم جهة خطيرة قد تكون أكبر من سوزان رايس ولا بل من أوباما، إنها حكومة العالم الخفية، علينا أن نتذكر كيف كان هذا السيموبيا يتصرف أثناء مفاوضات نيفاشا حيث لم يكن مسهلا يقوم بدور تقريب وجهات النظر، إنما كان أقرب للناظر في المدرسة الأولية، لقد كان الآمر والناهي وفرض على الجميع كل ما أملى عليه؛ لذلك ينبغي أن يؤخذ ما يقوله هذا الرجل بالحذر، وربنا يكضب الشينة.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]