عبد اللطيف البوني

وصابر الاخر


وصابر الاخر
يوم الاربعاء الفاتح من يونيو الحالي عشنا فيه نهارا غير عادي نهارا ظللته سماء قاعة الشارقة حيث قدم فيها معهد الدراسات والبحوث الانمائية بجامعة الخرطوم ندوة عن هيكلة الدولة السودانية بعد التاسع من يوليو القادم قدمها الاستاذ الدكتور عثمان البدري وكان لي شرف التعقيب عليها وقدم المحاضر مقترحات محددة ومفصلة طالب فيها بتخفيض الوظائف الدستورية في المركز والاقاليم بنسبة كبيرة وقدم مبررات واضحة تقنع من به صمم بضرورة هذا الاجراء مستندا على ما جره هذا الترهل الذي كان سائدا في الجمهورية القديمة ثم ما سيحدث من انخفاض الايرادات في المرحلة الجديدة
اما السبب الذي جعل ذلك النهار غير عادي هو الاندياح حلوة الاندياح دي الذي حدث من ذلك الحضور النوعي في التعقيب على المحاضرة فالحصانة المفترضة للمنبر جعلت المشاركين يدلون بمعلومات في غاية الاهمية وجعلت من الحديث ذو شجون ياخذ بتلابيب بعضه البعض وذكرنا بقول الخليل (يابلادي كم فيك حاذق / غير الهك من ام رازق/ من شعاره دخول الماذق / يتفانى وشرفك دوام) فهؤلاء العلماء يعرفون جيدا موطن الخلل في هذه البلاد ويعرفون اكثر العلاج الناجع ولكن المسافة بين قاعة الشارقة ومكان اتخاذ القرار بعيدة (المسافة سنة) مع انها بالمقاييس العادية عدة مئات من الامتار .
برز رأي وجيه يقول لا بد من تعريف محدد للوظيفة الدستورية وتحديد الهدف منها وبعد ذلك لايهم العدد فالمشكلة ليست في العدد لكن المشكلة في المقابل المالي للوظيفة وهذا يبدا بالمرتبات ثم المخصصات وفوائد ما بعد الخدمة والمعاشات . فالوزراء في الصين يركبون الدراجات مثلهم مثل اي مواطن ورئيس جمهورية سويسرا يركب المواصلات العامة . الجهاز الدستوري الموجود حاليا لم يكن نتيجة دراسة ولم يهدف الي رفع الكفاءة الادارية ولازيادة معدلات التنمية ولاتقليص الظل الاداري انما كان للترضيات السياسية فاية مصالحة للحزب الحاكم مع اية جهة حزبية او حركة مسلحة يعني استنسال وظائف دستورية جديدة للقادمين الجدد الى ان وصل الامر الى ماوصل اليه فطالما ان الحكاية ترضية بالتالي لابد من ان تكون مجزية من حيث المقابل المادي وكان ما كان
من النقاط المهمة التي انداحت في ذلك الهواء الطلق مسالة التفاوت الحاد في الرواتب والمخصصات وفوائد ما بعد الخدمة والمعاشات ليس بين السودان والدول الاخرى وليس بين القطاع الخاص والعام في ذات السودان وليس بين المدنيين والعسكريين في السودان فهذه معلومة ومعروفة للكافة انما بين الموظفين المدنيين في سودان (الجن دا ) فتمت المقارنة بين مدير جامعة ومدير بنك ورئيس مفوضية ورئيس صندوق ومدير شركة حكومية و(انداح ) الامر الى ان وصل الخبراء الوطنيين لقد ذكر مايشيب له الولدان من تفاوت افاد احدهم ان واحدا من هؤلاء يساوي مرتبه خمسين ضعف الاخر و ذكر احدهم ان فوائد مابعد الخدمة لاحد محافظي بنك السودان وصلت اربعة مليارات وخارج القاعة قال احدهم مصححا خمسة مليارات (بالقديم طبعا) فجاء في بالي فوائد مابعد الخدمة للبروفسير صابر محمد صالح استاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة السودان وهو من الاباء المؤسسين لهذا العلم وهذه التقنية في السودان فبعد ان امضى ستين عاما في عمله كاستاذ جامعي بين عطبرة و الخرطوم كانت فوائد مابعد الخدمة من استبدال وغيره 16 مليون (ستة عشر مليون جنيه) بالقديم طبعا .كما ذكر مبلغ نهاية الخدمة لمدير جامعة الخرطوم الذي كان ثمانية ملايين ولم يسلم له نتيجة لعدم وجود سيولة بينما شخصية نظامية انتهت خدمتها سلمت في ذات اليوم مليار جنيه وكله بالقديم ومن هنا يجب ان يبدا التجديد إن كان هناك جديد

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]