عبد اللطيف البوني

الحمريطي , بطل مهاجرية


الحمريطي , بطل مهاجرية
(1 )
وعند منطقة قاحلة تماما أوقف النميري الموكب ونزل وأخذ يمشي نحو الخلاء الغربي .. وكانت مئات العيون ترمقه باندهاش وحيرة والرئيس ماشي إلى أن اختفى عن الانظار خلف كثيب رملي صغير .. دقيقة .. دقيقتين ثم رجع وهو يعدل من هندامه ويصلح (قاشه) .. حتى بلغ عربته وركبها وتحرك الموكب نحو وجهته.
(2 )
خلال زيارته أرض السكوت أبصر النميري امرأة ورجلا عجوزين منسجمين في جلسة شاي فأوقف الموكب ونزل من عربته ومشى نحوهما وجلس على الأرض جوارهما وطلب منهما كوب شاي وقدما له الشاي وهما في غاية السعادة وسألهما قائلا عرفتوني؟ فقالا: لا . فقال لهما أنا رئيس السودان . فقالا له: أيوة أنت عبود الغرقت هلفا؟ فضحك الرئيس وودعهما ومضى.
(3)
في ود نميري اندفعت الجماهير رجالا ونساء وأطفالا وشبابا نحو النميري كالسيول الكل يود احتضانه وكان هو مستسلما للجميع وهزت جوانحه كل امرأة تحتضنه وهي تشرق بالدمع وتقول أنا هالتك .. انا عمتك انا بت هالة أمك فاهتز نميري وسالت دموعه وفقد رباطة جأشه فانفلت من بين الجموع وأسرع نحو جذع نخلة صرعتها الرياح فارتمى عليه ..ودفن رأسه بين يديه ورجليه وانفجر باكيا بصوت رجولي مسموع فتركه الكل وابتعدوا عنه وظل النميري على هذه الحالة طويلا.. ثم وقف وكفف دموعه واستعاد تماسكه وراجع هندامه .. والنياشين والأنواط التي سقط بعضها.
(4)
في احتفال جماهيري بعيد العلم في عطبرة قال منصور خالد وزير التربية والتعليم في كلمته الرصينة إن كلمة عيد العلم غير صحيحة مطلقا والصحيح عيد التعليم ففي الأيام القادمة من عمر مايو المديد سوف نحتفل بعيد التعليم إن شاء الله أما النميري وفي كلمته في اثناء ذات المناسبة التفت إلى منصور وقال(أنا قلت عيد العلم خلاص يبقى عيد العلم وموش عاوز أي فلسفة في الموضوع دا تاني) .. فهاج الإستاد وماج , معلم معلم يا نميري ,, عيد العلم عيد الشعب.
(5)
في برام أهدت المنطقة للرئيس عجلا حنيذا هجينا فسعد نميري بالهدية ثم اقترب من العجل وجلس القرفصاء إلى جواره ثم أمسك برجليه وانتصب واقفا يحمل العجل ويطوف به على الحضور .. مبشرا ومكبرا ولا حتى العجل نفسه يصدق ما يرى !!
(6 )
بعد وداع كبير في مطار نيالا صعد النميري سلم الطائرة وجلس فوق الدرجة الأخيرة من سلم الطائرة فأدهش الكل فقال نميري في حاجة غريبة جدا جدا حصلت قبل شوية ما فيكم زول عرفها؟ ثم نادى يا حسن .. يا حسن .. اطلع برة هنا، فجاء حسن الترابي من داخل الطائرة وقال له إنت دخلت الطائرة قبالي ليه؟ انت ما بتعرف بروتكول؟ لكن معليش خلاص أدخل ولكن الترابي رفض واعتذر وقدم نميري للدخول قبله.
(7)
هذه مقاطع مأخوذة من صفحات متباعدة من الكتاب القيم المثير الذي صدر مؤخرا لمؤلفه الأستاذ اللواء م. محي الدين محمد علي بعنوان (زمن نميري.. ضحكات ومواقف مثيرة ) والكتاب عبارة عن مشاهد ومواقف وقف عليها محي الدين بنفسه بحكم عمله الشرطي الذي كان جله في مايو. ورغم الطرافة البادية عليه الا أن الكتاب يضج بالتحليل العميق والكتاب يدخل في باب تدوين الأدب الشفاهي ذي القيمة التاريخية العالية كما أنه يكشف عن روح المؤلف المبدعة المرحة ويعكس قدرة فائقة على الحكي الذي لا يمل . أما العنوان فستجدون قصته في الكتاب.

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]