نادية عثمان مختار

مابين (مدام) و(هووي يا مرا) تباين ثقافات الشعوب (حلقة أولى) !!


مابين (مدام) و(هووي يا مرا) تباين ثقافات الشعوب (حلقة أولى) !!
المرء ابن بيئته ونشأته وتاريخه وأسلوب تربية أهله له، كل منا يحمل تعاليم أسرته في داخل روحه بدرجات متفاوتة؛ (التعليم في الصغر كالنقش على الحجر)! والنقوش على الحجر تبقى ويستدل بها على معالم وملامح الأمم وتاريخهم على مر العصور حيث تحدث عن انجازاتهم وعاداتهم وتقاليدهم كما هو حادث في حضارات وآثار الشعوب كالحضارة الفرعونية والكوشية وغيرها من الحضارات العريقة المدون تاريخها نقشاً على الحجارة، بما يستعصي معه على الطبيعة محوها وعلى الذاكرة نسيانها..!
(من شب على شيء شاب عليه) هكذا تؤكد الأحاديث المتداولة على مر الزمان أن المرء منا عبارة عن تراكيب لطبائع وخصال وسمات تشكل شخصيته يحمل جيناتها منذ الصغر لتكوّن ملامح شخصيته وطريقته في الحياة في التعامل مع البشر والمواقف!!
بحكم وجودي في مصر التي ذهبت إليها وأنا لم أبلغ سن الرشد بعد؛ أجدني قد تأثرت كثيراً ببعض طرائق الشعب المصري وأساليب حياتهم في بعض الأشياء ولا غرابة في ذلك ؛ فمن عاشر القوم أربعين يوما صار منهم ليس بشكل كلي بالطبع!!
لذا أجد أن مصرَ تشكل وتصوغ من عصارة التجارب بعض موضوعاتي في الكتابة، فتجيء بحروف تحمل بعض الأمثال والاستشهاد بلغة (أولاد بمبة) كما يسميهم البعض؛ وأجدني أحيانا في وضع المقارنة بين مواقف تحدث لي هنا في بلدي الحبيب السودان وبين مواقف مشابهة حدثت لي هناك في مصر التي تزوجت وكبرت وأنجبت وترملت وعملت فيها قرابة العقدين من الزمان!!
نعم هناك الكثير من ذكرياتي وهناك بيتي وابنتي وقبر زوجي الحبيب؛ فلا غرابة أن تكون مصر قد شكلت الكثير في شخصيتي؛ بل وبلورتها ووضحت ملامحها!.
هناك في وسط أهلي السودانيين من أبناء عمومتي وأخوالي وعماتي وخالاتي (الجالية) الذين لم يروا الخرطوم إلا بعض المرات ؛ وفي قلب الشارع المصري بكل صخبه وجنونه وغموضه ووضوحه وبذيء ألفاظه واستهباله وخفة دمه وطولة لسانه وطيبة أهله وشرهم تعلمت وخبرت الكثير من ضروب الحياة!!
لذا أجدني طوعاً وأحياناً؛ غصبا أو بالأحرى دونما تعمد قد قفزت المشاهدات لتضعني في وضع المقارنة بين ثقافات شعب انتمي إليه بالميلاد والدم والجنسية وكامل العشق؛ وبين شعب آخر كبرت في كنفه وتعرفت على ثقافته وعاداته وطباعه، وأخذت من موجبها الكثير ومن سالبها القليل واقتربت من أشيائه حد العمق!!
لذا رأيت ولمواقف كثيرة تمر بي هنا في وطني وهناك في الوطن الذي أعيش على أرضه أن أكتب بعض المشاهدات للمقارنة بين ثقافتنا كسودانيين وطرائق تعاملنا وطرائق تعامل الأشقاء في مصر ممن تأثرنا بهم هناك وتأثروا بنا هنا!!
ولنبدأ من تعمد البعض التحدث بلهجة المصريين عندما يعيش معهم أو يذهب إليهم زائرا لأي سبب!!
شخصياً أجد نفسي أتحدث باللهجة المصرية مع المصريين لا لشيء سواء كسباً للوقت بحسبان أن المصري لابد من أن يقول ردا على كلامك في الوهلة الأولى على الأقل (إيه بتقول إيه) ؟!
ولأنني اكره أن أترجم العربية إلى العربية أجد نفسي أحدثه بلهجته التي يفهمها وكفى الله المؤمنين شر عدم الفهم وضياع الوقت !!
و
غداً نواصل إن كان في العمر بقية !!
نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/6/14
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]