الطاهر ساتي
شيوخ البرلمان في (زنقة القروض)!

** وهكذا تقريبا أفتى البرلمان وبعض الشيوخ وزير المالية حول قروض مشاريع خزان ستيت والمطار الجديد، نعم أجازوا تلك القروض، ولكن تلميحا وليس تصريحا كما توقعت في زاوية الثلاثاء الفائت التي قلت فيها إن تلك القروض سوف تجاز بكل سهولة، كما أجيزت قروض سد مروي قبل خمس سنوات تقريبا. وها هم النواب والشيوخ، لم يخيبوا الظن، أجازوها تلميحا، وبعد حوار درامي بحاجة إلى مخرج رائع ليصنع منه (أحلى فيلم كوميدي)؛ فلنوثق بعض السيناريو والحوار: الشيخ أحمد علي عبد الله، رئيس الهيئة العليا للرقابة الشرعية، استمع إلى تقرير وزير المالية حول القروض، وقال: (الربا محرم قطعيا)، ممتاز، ثم يستدرك قائلا: (لكن تبقى الإشكالية في تقدير المصلحة)، ومن هنا بدأت الجغمسة والدغمسة وغيرها من الصفات التي وردت في خطاب السيد الرئيس بالقضارف!
** ثم تواصل ما أسموه بالنقاش، ولكن ليس للإفتاء، بل للخروج من هذا المأزق الذي أدخلتهم فيه وزارة المالية، حيث يقول رئيس تلك الهيئة معاتبا وزير المالية: (أنت المفوض إنابة عن ولي الأمر في وضع الميزانية وتعرف حجم الإيرادات، فكيف تنتظر العلماء ليقولوا لك ؟)، هكذا تخارجوا من المأزق، أي بلسان حال يقول للوزير: الرئيس مُش مفوضك؟، كان تتصرف براك، بدل تختنا في الحتة الضيقة دي! رئيس البرلمان كان أكثر وضوحا في البحث عن باب المخارجة، حيث قال نصا: (نطالب الوزير بإنشاء هيئة للرقابة الشرعية بالوزارة، حتى لا نضطر لعقد مثل هذه الجلسات). تأملوا، حديثه يعني بالبلدي كدا: وظف شوية شيوخ في وزارتك، وشيلوا شيلتكم براكم. ولكن السؤال لشيوخ البرلمان في حال تأسيس الوزير هيئة للرقابة الشرعية بالوزارة، هل سوف يعين فيها شيوخ غير شيوخ البرلمان، أم ستعتمد تلك الهيئة شريعة غير شريعة شيوخ البرلمان؟ لماذا لا تفتونه في أمر القروض بكل وضوح؟ بدلا عن الزوغان من الفتوى بطلب فحواه: أسس هيئة شرعية في وزارتك؟ وإذا أنشأت كل وزارة هيئة شرعية تفتي – الوزير- في أعمال الوزارة وقروضها ومناشطها – كما يطلب رئيس البرلمان – فما جدوى مجمع الفقه الإسلامي وهيئة علماء السودان والهيئة العليا للرقابة وغيرها ؟ أي لماذا تصرف الدولة على كيانات غير قادرة على إصدار فتاوى واضحة في أمر القروض، ثم تحيل أمر الفتوى فيها إلى (الوزير المفوض من قبل ولي الأمر) أو تقترح تأسيس (هيئة رقابية داخل الوزارة)؟
**على كل حال، خرج وزير المالية من قبة البرلمان كما دخل، بلا فتوى أو يحزنون، بل دعوه بلسان حال قائل: (الرئيس مفوضك، وانت عارف حال ميزانيتك، يلا اتصرف براك، وأسس هيئة في وزارتك وما في داعي تحرجنا كل مرة). هكذا ملخص النقاش، وهذا درس للبرلمان، أي لن يتلكأ في أمر كهذا في المستقبل، ولن يزج بالشيوخ في الأمور الاقتصادية ذات الصلة بالعالم الخارجي، وذلك تحت غطاء الكيان المقترح (هيئة الرقابة الشرعية بوزارة المالية)
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]