الطاهر ساتي
الحاج أحمد إبراهيم … (ضاع وخلاص .؟؟)
** وهكذا يجب أن يكون الإحساس بالمسؤولية في العمل العام عميقا، بحيث الإعتراف بالخطأ ثم محاسبة النفس على هذا الخطأ يجب أن ينبعا من داخل أنفس المسؤولين أولا، ثم لاحقا من أجهزة الدولة الرقابية والمحاسبية التي تراقبهم وتحاسبهم .. ومن يكلف بتولي منصب عام، يجب أن يكون مشبعا – منذ طفولته وصباه – بالقيم والأخلاق التي ترغمه على مراقبة نشاطه ومحاسبته حين يخطئ، قبل أن تراقبه أو تحاسبه أية جهة أخرى، برلمانا كان أو صحافة..و..عفوا، فلنقرأ حكاية سودانية مؤلمة ثم نواصل.. أحمد إبراهيم بابكر – مواطن سوداني من قرية القمري ريفي الحوش بولاية الجزيرة – بعمر يناهز السبعين عاما، قصد الهيئة العامة للحج والعمرة ليؤدي شعيرة الحج في الموسم الفائت..دفع – لتلك الهيئة – كل الرسوم والجبايات، بما فيها تلك التي تدخل في خزينة الهيئة العامة وجيوب سادتها والأمراء مقابل الرعاية التي يجب أن يحظى بها الحاج إلى أن يعود..هكذا خرج عم أحمد من السودان بصحبة ما يسمونه بأمير الفوج، قاصدا بيت الله الحرام، ولم يعد حتى الآن..عاد كل الحجاج – إلا من قضى نحبه تحت سمع وبصر السلطات السعودية – إلا عم أحمد، لم يعد ولم تحسبه السلطات السعودية مع الذين قضوا نحبهم، رحمة عليهم جميعا.. وعاد أمير الفوج الذي شمله عم أحمد، وحين تسأله أفراد أسرته عن مصير والدهم، يرد عليهم الأمير : ( والله أنا ما عارف أقول ليكم شنو .. فقدناه)..هكذا مصيره منذ موسم الحج الفائت، علما بأن الهيئة العامة أعلنت – قبل أسابيع – بداية إجراءت حج هذا الموسم، أي عام كامل ولايزال مصير هذا المواطن مجهولا..!!
** والأدهى والأمر أن الجهة المناط بها مهام رعاية هذا المواطن حتى يعود، وكذلك مهام البحث عليه حتى تعلم أسرته مصيره، وهي الهيئة العامة للحج والعمرة، هي ذات الجهة التي منعت أسرة الحاج المفقود عن إثارة هذه القضية عبر وسائل الإعلام، وذلك بالوعود الكاذبة والمطمئنة التي من شاكلة ( نحن بنلقاه).. ثم الطامة الكبرى هي أن الهيئة العامة رفعت تقريرها الختامي عن الحج للبرلمان، وقدمته تقريرا خاليا من المفقودين، رغم علمها بأن الحاج أحمد مفقود منذ عودة آخر فوج وإلى يوم تقديمهم لتقريرهم الكاذب للبرلمان.. نعم ماحدث لهذا الحاج قضاء وقدر، ونسأل الله أن يعود إلى أهله سالما بحج مبرور وذنب مغفور، فالحديث ليس عن هذا القدر الرباني، ولكن عن قيمة الإنسان السوداني عند أجهزة الدولة الرسمية..والنهج الذي أدارت به وزارة الإرشاد وهيئتها قضية هذا المواطن، يؤكد بأن الإنسان في السودان بلا قيمة ..أضاعوه بإهمالهم، وتكتموا على ذلك، ثم ضللوا اسرته بوعود كاذبة حتى لا تبحث عن مصيره بواسطة وسائل الإعلام، هكذا نهج المسؤولين بوزارة الإرشاد والهيئة العامة للحج..لايهمهم أن يظل مصير هذا المواطن مجهولا مدى الحياة، بل مبلغ همهم هو أن يبدوا تقرير آدائهم نظيفا في أنظار وعقول الرأي العام ولو بالكذب والتزوير وإخفاء الحقائق..نهج لم يتق الله في هذا الإنسان، وذلك ليرضوا شهوة السلطة التي قتلت كل القيم والأخلاق في نفوسهم.. وعليه، فلندع ملفات الفساد المثارة حاليا، وهي ملفات تشبههم وإن لم يكونوا أطرافا في فسادها، لصاروا (غرباء في السلطة )..فلندع تلك، فقط مصير هذا المواطن يكفي بأن يذهب وزير وزارة الإرشاد ومدير الهيئة العامة وبطانتهما – قبل ضحى الغد – إلى الشارع..هذا لو كانت ضمائرهم – أو ضمائر سادة الأجهزة المناط بها رقابتهم ومحاسبتهم- يقظة.. ولأنها ليست كذلك، نترقب ترقية الأمير – الذي تسبب إهماله في ضياع هذا المواطن – إلي مدير أو وزير، ثم ترقية وزير الإرشاد ومدير الهيئة إلى مناصب عليا تمكنهم من إرتكاب المزيد من الأفعال والسياسات التي تحتقرأهل السودان وتنتهك كرامتهم وإنسانيتهم..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]