جعفر عباس

بهاء والطيران والتعريب (2)


بهاء والطيران والتعريب (2)

حدثتكم بالأمس عن صديقي بهاء الذي توقف عن السفر جوا منذ أن انتهى عصر الخواجات في شركات الطيران العربية، وتم توطين/ تعريب مهنة قيادة الطائرات.. ولا يشعر بهاء بأي حرج لأنه لا يثق بالعنصر العربي في مجال قيادة الطائرات، بل يقول بأعلى صوت: هم فلحوا في إيه، علشان يفلحوا في الطيران؟ نعم بهاء ترعرع في زمان كان فيه الخواجات يسيطرون على مجريات الأمور الفنية والهندسية في معظم الدول العربية، ثم شهد عهود الاستقلال وما صاحبها من فوضى في كل المرافق لأن الأمور آلت إلى كوادر وطنية قليلة الخبرة.. فجعله ذلك يحسن الظن بالخواجات ويسيء الظن بالكوادر الوطنية! غير أن حقيقة الأمر في ما يتعلق بعدم ثقته بالطيارين العرب والأفارقة هي أنه يخاف من ركوب الطائرات، ويرى أنه طالما ان الخواجات هم من اخترعوها فهم أجدر بثقة الركاب عندما يقودونها (خلال الأسبوع المنصرم تم توقيف قبطان في شركة طيران أوروبية في مطار هيثرو في لندن بعد ان اتضح انه كان سكران طينة قبل توجهه لقيادة طائرة متجهة الى نيويورك!).. وقد توقف بهاء تماما عن السفر جوا طوال ربع القرن الأخير بعد ان اكتشف ان هناك طيارين عربا حتى في شركات الطيران الأجنبية.. ويحكي بكل أسى أنه كان مسافرا على طائرة تتبع شركة طيران سنغافورة او تايلند – لا أذكر تماما – عندما قام بتحية الركاب الكابتن «نصر الدين»، قلت له ان نصر الدين هذا ربما لم يكن عربيا ولكنه رد علي بأنه عربي لأنه «نطق اسمه بحرف الصاد بالطريقة العربية وليس «نسر الدين» كما يفعل الآسيويون المسلمون.
على كل حال، لو مد الله في أيامي فسأتوقف عن السفر جوا بعد ثلاث سنوات، لأن معظم الطائرات ستكون elcihev ria dennamnu VAU يعني الكمبيوتر سيقود الطائرة بتلقي توجيهات صوتية لاسلكية.. الخطوط الجوية البريطانية لديها سلفا طائرة من هذه الفصيلة! بعكس صديقي بهاء فإنني سيئ الظن بالخواجات وأثق بالطيار العربي والطبيب العربي والمهندس العربي.. الخواجات الذين التقيت العشرات منهم في منطقة الخليج خلال أكثر من 25 سنة أكدوا لي أنهم جنس بلطجي وفهلوي ومستهبل.. ولكن يحمل كل منهم لقب أدفايزر أو كونسلتانت أو إكسبيرت وكلها تعني بدرجة أو بأخرى «الخبير الاستشاري»، فعندنا إداريون من طينة صديقي بهاء لا يحسون بالطمأنينة إلا في وجود ذوي الشعر الأشقر والعيون الخضراوات.. مشكلتي هي انني لا أثق بالتكنولوجيا، ومن ثم فليس من الوارد أن أرتكب حماقة ركوب طائرة يتولى تسييرها جهاز مزود بأسلاك! ستقول لي ان هناك كمبيوترات فائقة الذكاء! ما قولك يا شاطر في قنابل أمريكا الذكية التي قتلت 400 طفل وامرأة في مخبأ العامرية في بغداد في حرب الخليج الثانية؟ المهم انني بعد سماعي بأمر الطائرات الغبية التي ستطير بدون عنصر بشري، بحثت عن معلومات حولها في الانترنت واكتشفت انها موجودة سلفا في المجال العسكري، وأنها تقوم بمهام قتالية في العراق وأفغانستان (ويفسر هذا لماذا يموت مئات المدنيين في البلدين يوميا).. في أغسطس من عام 2004 نجت طائرة ركاب أفغانية بأعجوبة من طائرة ألمانية بلا طيار تحرشت بها فوق سماء كابول.. وإذا كان المذيع اللبناني زاهي وهبي يرفع شعار «خليك بالبيت»، فإنني أرفع شعار «خليك على الأرض وبلاش سفر جوا.. خالص».

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]