زهير السراج

أي إصلاح يا مكي ؟!

أي إصلاح يا مكي ؟!
* فى زيارة قصيرة لدار اتحاد الصحفيين بالمقرن لتجديد البطاقة الصحفية، التقيت بالكاتب المعروف ورئيس لجنة الحريات بالاتحاد الأخ مكي المغربي، وهو شخص ودود ولديه علاقات حميمة بكل الوان الطيف السياسي من الصحفيين وغيرهم، وصاحب آراء معتدلة رغم انتمائه للنظام الحاكم، وتحدثنا طويلا عن الظروف السياسية فى بلادنا فى ظل الأوضاع الداخلية والخارجية والأجواء الثورية المحيطة بنا واتفقنا اننا لا بد ان نتأثر بما يحدث حولنا.

* سألني مكي هل أنا مع التغيير أم مع الإصلاح، وقبل أن أرد قال لي إنه مع الإصلاح، فأجبته بأنني مع التغيير، فسألني لماذا.. قلت لعدم ثقتي بوجود أية رغبة للنظام في الإصلاح بالإضافة إلى فساده الشديد وسياساته الخاطئة، وإصراره على الانفراد بالسلطة وعدم تقبله لآراء الآخرين، كما انه لم يعد لديه ما يفعله للوطن والشعب غير المزيد من الآلام والجراح ..!!

* لم تنقض بضعة أيام على هذا الحديث؛ حتى احتلت القوات المسلحة أبيي، ثم اندلعت الحرب فى جنوب كردفان ولا تزال حرب دارفور مشتعلة .. بالاضافة الى استمرار التصريحات والخطب الملتهبة التي تحرض على الحرب، وتتهم الخصوم السياسيين بالخيانة والعمالة، وتهددهم بقطع الألسنة والأيدي وخرم العيون واتساع دائرة الحرب العنصرية التى تشنها صحف النظام على أبناء السودان؛ لتشمل أهلنا فى جنوب كردفان وأهلنا فى النيل الأزرق، ولا يعرف أحد على من ستدور دائرة ( آل البيت) فيما بعد .. بينما تضيّق الحكومة الخناق على الحريات و تعتقل الصحفيين والكتاب وتقدمهم الى المحاكم بتهم زائفة لا وجود لها، وتصادر الأنشطة السياسية والاجتماعية للناس، بل حتى الندوات التى يعلن عن مشاركة بعض رموز النظام فيها مثل ندوة( المواطنة و الدستور) بالمكتبة القبطية التى كان من المفترض أن يخاطبها الأمين السياسي للمؤتمر الوطني الحاج آدم يوسف تمنع السلطات الأمنية قيامها .. !!

* وفوق ذلك، تفرض الحكومة المزيد من الضرائب والإتاوات والجبايات وتضيق المعايش على الناس وترفع أسعار السلع بدون إعلان، وها هي أسعار السكر والعدس والأرز ترتفع للمرة الرابعة فى غضون ستة أشهر أو أقل بسبب السياسات الحكومية التى تتعمد سد عجز الميزانية وتغطية النفقات الحكومية والأجورالباهظة على حساب المواطن المسكين الذي لا يكاد يحصل على رغيف الخبز الذي يزداد حجمه انكماشاً كل يوم؛ بسبب زيادة أسعار القمح والدقيق والترحيل غير المعلنة، لدرجة ان أربعة أرغفة تبلغ قيمتها ألف جنيه (قديم) لم تعد تكفي لوجبة واحدة لشخص واحد، فماذا تفعل أسرة مكونة من أربعة أشخاص، ومن أين تأتي بثمن الخبز وحده دعك عن بقية الاحتياجات اليومية .. ثم قاصمة الظهر البدعة الحكومية الجديدة عدادات الدفع المقدم للمياه التى أعلن الوالي قبل بضعة ايام عن إيقاف تركيبها فى المساكن؛ فخرج علينا مدير الهيئة القومية للمياه بأن تركيبها سيتواصل فى (المساكن الاستثمارية) ولا ندري ما هي المساكن الاستثمارية التي يتحدث عنها سيادته، ولكنني أراهنكم بأن عطفها وكرمها سيشمل جميع المساكن حتى العشوائية منها، وإن غدا لناظره قريب ..!!

* غير أن هذا كوم، والاصوات التى ارتفعت تبشر دولة الجنوب الجديدة بحرب ستمتد مائة عام قادمة كوم آخر، فلماذا إذن ضحينا بالجنوب، وتركناه يذهب بخيراته وموارده إذا لم يكن الهدف من ذلك هو ايقاف الحرب و تحقيق السلام .. ثم تتحدث عن إصلاح يا مكي .. ؟!
زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email] الاخبار، 28 يونيو 2011