زهير السراج

من يحكم السودان ؟!


من يحكم السودان ؟!
* قد لا يصدق البعض ان البشير هو صاحب السلطة الحقيقية فى البلاد منذ وقت ليس بالقصير وأن حزب الجبهة الاسلامية (سابقا)، المؤتمر الوطتى (حاليا) ليس له كحزب أو جماعة سلطة حقيقية وإنما يستمد بعض قياداته وأعضائه سلطتهم من سلطة البشير الذي نجح بذكاء (عكس ما يعتقد الكثيرون) باستغلال حبهم للسلطة لضربهم ببعضهم وتقوية نفوذه حتى صار صاحب النفوذ الأوحد، ولكن في الوقت نفسه فإن البشير لا يستطيع التخلص منهم لخطورتهم على النظام وهم خارجه، كما أنهم في حاجة إليه للمحافظة على مصالحهم ووجودهم ..!!

* الكل يعرف أن البشير كان خارج السلطة تماما في العشر سنوات الأولى من حكم نظام الانقاذ واستمر الوضع على ذلك نوعا ما بعد التخلص من الترابى وأيلولة قيادة الحزب للأستاذ علي عثمان محمد طه حتى تمكن البشير من انتزاع السلطة لاحقا بسبب الخلافات الكبيرة التي نشبت بين قيادات الحزب أثناء وبعد مفاوضات السلام وكانت قاصمة الظهر هي وفاة الدكتور جون قرنق الوحيد الذي كان مؤهلا لإضعاف سلطة البشير مما يهيئ الظروف المثالية (للجبهجية) لمشاركة حليفهم الجديد في السلطة بحكم ما نشأ بينهم وبينه من علاقات وتحالفات أثناء جولات التفاوض الطويلة بينما يبقى البشير مجرد رمز للدولة إلى حين انتهاء ولايته الثانية في 2010م، ولكن وفاة قرنق المفاجئة أفسدت كل شئ وبدأ نفوذ البشير يقوى شيئا فشيئا وذلك استنادا على مجموعة عوامل:

* الأول هو الجيش الذي ظل رغم الفصل والتشريد ومحاولات التسييس الكبيرة ثابتاً على عقيدته العسكرية!!

* الثاني، جهاز الأمن الذى سيطرت عليه فى فترة ما ــ خاصة ما يعرف باسم (الامن الايجابى )ــ كوادر الجبهة الاسلامية، إلا أن الأمر تغير كثيرا بعد خروج الترابي حيث جرى الكثير من التغيير تحت قيادة صلاح قوش، ورغم كل ما كان يقوله البعض من ولاء قيادة الجهاز للحزب (أو لبعض قيادات الحزب) إلا انها اظهرت في مناسبات عدة الكثير من الانضباط العسكري والولاء لقيادة الدولة الامر الذي أتاح للبشير تقوية نفوذه، ثم جاء تغيير القيادة مؤخرا ليضمن للبشير الولاء التام.

* الثالث، الجماعات الدينية التى قربها البشير إليه كذراع ديني للسلطة عوضا عن الجبهة الإسلامية، وهي محل ثقته الكبيرة وتجمعه بعض أئمتها جلسات منتظمة على الأقل مرة واحدة أسبوعيا يتفاكرون فيها فى أمور الدين والدولة.

* الرابع، ضعف القوى السياسية وتشرذمها واقتناع معظم أفراد الشعب بعدم وجود البديل المناسب، بالاضافة لاعتقاد كثيرين بأن بقاء البشير يضمن بشكل أو بآخر مصالحهم أو أمنهم ..!!

* الخامس، وقد يستغرب له الكثيرون، هو المحكمة الجنائية الدولية والتي بإصدار أوامرها ضد البشير جعلته يعزز من سلطته ونفوذه ولا يترك احدا يقترب منهما ابدا حتى يظل في مأمن منها ..!!

* بالاضافة الى هذه العوامل لا يمكن لأحد بالطبع أن ينكر الدور الذي قام به حزب الجبهة الاسلامية (كأفراد وليس كتنظيم ) في ترسيخ سلطة البشير بدون أن يكون لهم من السلطة ما يظنه البعض من نصيب، مع التأكيد بأن كليهما لا يزالان حتى هذه اللحظة في حاجة إلى بعضهما البعض إلا اذا تغيرت الظروف والتحالفات ..!!

زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email] الاخبار، 5 يوليو 2011