الطاهر ساتي
مسلسل المخاطر … يتواصل ..!!
** وعندما قلت قبل أسبوع، بهذه الزاوية، بأن الحركة الشعبية ليست بحركة ساذجة لتقاتل الحكومة في أبيي وجنوب كردفان في سبيل سلطة هذه واسترداد تلك، كنت أعني ما يحدث حاليا..أي للحركة ذكاء سياسي – اكتسبته بتجربة نيفاشا – يدرك بأن أية مائدة بأية دولة، تتوسط بين وفدها ووفد الحكومة، تقدم لها من المكاسب ما لن تنالها ولو قاتلت الحكومة بكل جيوش العالم وعدتها وعتادها، بشرط أن تدير الإيقاد – أو زعيم إحدى دولها – تلك المائدة تحت إشراف ما يسمونها بأصدقاء وشركاء الإيقاد، وما أكثرهم..كم هي وديعة الحكومة أمام أولئك، بحيث تنسى وتتناسى – وتبلع – كل شراستها التي تشتد إلا على قوى المعارضة غير المسلحة، وكذلك تغطي كل أنيابها التي لا تفترس إلا العزل من شعبها.. بوداعتها تلك وقعت هذا الاتفاق الخنوع ، وكل نص فيه يمد لسانه ساخرا من العنتريات التي ضختها وسائل الإعلام من ذات الأفواه التي شرعت – منذ البارحة في تجميل الاتفاق ..!!
** وما يلي نموذج تجميل..حيث يقول ناطقها الرسمي، واصفا ما حدث : ( الاتفاق ليس تنازلا، ومشاركة الحركة في الترتيبات الدستورية المقبلة لا يخرج عن كونه مشاركة في الحكومة العريضة المشاركة في إدارة الجهاز التنفيذي).. مشاركة في الحكومة العريضة؟، كلامكم ما كدة قبل يومين بس..لن نعترف بالحركة الشعبية بعد التاسع من يوليو، أو هكذا وثق التاريخ موقفا لم تثبتوا عليه شهرا.. وعلى كل حال، أي بغض النظر عن مسلسل (التنازل في حضرة أمبيكي)، قد يرى البعض بأن الاتفاق قد يجنب البلد الاحتراب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهذا صحيح، ولكن – للاسف – مؤقتا..فالمستقبل – غير البعيد – مليء بالقنابل المغلفة بنصوص الاتفاق.. فلنتأمل حديث ياسر عرمان، حيث يقول واصفا الاتفاق بالنص : (إن ثمة صعوبات في الاتفاق تتعلق بالتفاصيل)..أي الشيطان في التفاصيل، أو كما وصف قرنق اتفاق ماشاكوس..ولذلك، لا يخطئ من يصف اتفاقية أديس أبابا بأنها بداية (نيفاشا 2) .. إذ هناك بروتوكولات أمنية وأخرى سياسية، ذات تفاصيل شيطانية..هذا شيء، والشئ الآخر ما حدث بمائدة الدوحة، حيث تراجعت الحكومة – كالعادة – ووافقت على أن يكون نائب الرئيس من دارفور، وليس من إحدى الحركات المسلحة بدافور..وهناك فرق بين أن يكون النائب من دارفور (الإقليم )، وأن يكون من حركة معارضة مسلحة بدافور ( كيان سياسي).. أن يكون النائب من حركة معارضة مسلحة بدافور شيء طبيعي، بحيث النائب لا يمثل في حال كهذا إلا حركته..ولكن أن يكون النائب من إقليم، فهذا (شيء مريب)..وقد يفتح الباب لكل أقاليم السودان بأن تطالب بمنصب كهذا، أو بمنصب أعلى..فالذين يحكمون حاليا لا يمثلون أقاليمهم ولم ترشحهم – في الانتخابات الأخيرة – أقاليمهم، بل رشحتهم (أحزابهم وحركاتهم)..ومهما اجتهد الدكتور غازي صلاح الدين في تجميل اتفاقية الدوحة، فإنها اتفاقية فصلت دارفور فصلا سياسيا، وأي فصل جغرافي يبدأ بفصل كهذا..وهكذا يتواصل مسلسل المخاطر، وفي الأفق (جنوب آخر ودارفور).. والشعب آخر من يعلم ..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]