الطاهر ساتي

(فيافي غرب القولد).. جزء من الكل المرتقب!

(فيافي غرب القولد).. جزء من الكل المرتقب!
** بمنطقة القولد تذكرت العزيزين محيي الدين تيتاوي وصلاح الدين عووضة، وليس الصديق الذي كان يلتقي بكل أهل السودان في أزمنة المناهج التي كانت تجتهد في تعريفهم بجغرافيا وطنهم ومدائنه وثقافاته بسلاسة واتقان. تذكرتهما؛ فاقترحت لمن معي أن نقف وننظر غربا إلى حيث المنطقة المساة بـ (غرب القولد)، فوقفنا ثم نظرنا، ولا شيء غير الصحراء على مد البصر، ثم قرص الشمس بكامل استدارته، بحيث لا يحجبك عن غروبه شجر ولا منزل. قلت لهم: من حيث نقف وإلى ذاك القرص، مسماة بمنطقة غرب القولد، وتكاد أن تبلغ شرق الشمس وغرب القمر – وصاحبها الفيتوري – شهرة، وذلك بفضل تيتاوي وعووضة ورفضهما أن تستثمر تلك المنطقة مركزيا. كلاهما يرى أن تستثمر تلك المنطقة بواسطة حكومة ولائية عاجزة حتى عن (إجلاس التلاميذ). وأثارا غبارا إعلاميا كثيفا في سبيل تحقيق تلك الغاية، فتأثرت الحكومة بغبارهم، وها هي تصدر توجيها – حسب ما جاء في صحف البارحة – بإعادة منطقة غرب القولد إلى سلطة حكومة الولاية. وعليه، مبروك لتيتاوي وعووضة، (إن شاء الله فتحي خليل يزرع ليكم فيها عنب وتفاح)!
** غادرنا منطقة غرب المنطقة واصطحبنا تحسرنا على تلك الفيافي الخصبة التي لم تثمر غير (الجدال والسجال)، منذ عام ونصف، وهكذا نحن دائما، بحيث يشغلنا الجدال عن الجداول. المهم، أعمدة كهرباء مروي – كما شريان الشمال – محازية للنيل، ولكن أشجار النخيل يابسة وكذلك الأرض جدباء إلا من مساحات صغيرة ومتناثرة على الشاطئ، والسبب (برميل الجازولين يكلف المزارع 334 جنيها إلى مشروع يبعد فقط 20 كلم عن عاصمة الولاية)، وكل الزراع يشتهون أن تكون مشاريعهم في ركن برئاسة الولاية أو بيت الوالي، لكي يحظوا بوقود سعر برميله (304 جنيها)، أو هكذا السعر.(إلا نزرع فيها بنقو عشان يغطي معانا)، إحدى إجابات عمي حيث سألته: (حواشتك دي فاضية كدا ليه ؟) وإجابته تلك هي لسان حال الزراع جميعا، والموسم يقترب وهم يتوجسون، وأعمدة الكهرباء محازية النيل، ولكنها لا تزال تضن على مشاريعهم بالتيار، ولا حول لهم ولا قوة لشراء الأعمدة والمحولات والأسلاك والعدادات بعشرات الملايين؛ ولذلك وجه نائب الرئيس – قبل عام – البنك الزراعي وحكومة الولاية بضرورة كهربة المشاريع، فتحركت حكومة الولاية – وهيئتها – نحو المشاريع، ولكنها لم تكهربها، بل كهربت أصحابها، بحيث استلمت منهم (مائة جنيه) نظير مد مشاريعهم بالكهرباء، وسلمتهم (وصل أمانة)، وخلاص، أي منذ الموسم الفائت وإلى الموسم الذي صار قاب قوسين أو أدنى من القدوم، (لا رجعوا لينا ميتنا ولا وصلو لينا الكهرباء، وما عارفين نشكي منو لي منو؟)، أوهكذا يتساءلون!
** وما أدراك ما المدارس وبداية العام الدراسي، مجانية التعليم تعني أن يدفع كل ولي أمر رسوما قيمتها (120 جنيها)، وإلا فالطرد لحين السداد لا يزال قرارا ساريا بالمدارس يا نائب الرئيس ويا وزير التعليم العام. مدرسة بالسير، إحدى مناطق شرق دنقلا، بفصلها (106 طلاب) تخيلوا، (106 طلاب في حجرة فصل)، رغم أنف المحاذير الصحية التي تحذر الناس من التكدس حتى في الهواء الطلق، ناهيك عن التكدس في الزنازين المسماة – مجازا – بالفصول. سألت عن أدراجهم، بحيث لا أدراج يكتبون عليها ويحفظون فيها كتبهم وكراساتهم أثناء ساعات الدراسة، فأجابوا: (الأدراج بتضيق علينا الفصل، عشان كدا خزنوها في المخزن). تبرير منطقي، ولذلك حالهم كما حال جمهور دار الرياضة – كراسي بلا أدراج – بل جمهور دار الرياضة أفضل حالا، بحيث يتراصون في (الهواء الطلق). تلك الرسوم مقابل هذا التكدس، ثم مستشفى السير الذي يتوسط (30 قرية)، افتتحته حكومة السيدين وكانت بها (4 عنابر)، للنساء والرجال والأطفال. تقزم الحال بحيث صار (عنبرا فقط لا غير)، ولكن للرجال والنساء والأطفال أيضا. كيف؟ قسم بالستائر، ليستوعب هذا التنوع (بلغة المثقفاتية)، أوهذا الاختلاط (بلغة الشيوخ). حال العنبر يغنيك عن السؤال عن بقية الأطلال ذات الحال القائل (هنا كان في مستشفى) .. و..على كل حال، عدت من الشمالية بقناعة مفادها: فيافي منطقة غرب القولد موعودة بالمزيد من التمدد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، في حال استمرار (حكومة فتحي خليل)!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]