الطاهر ساتي

مخالفات وابتزاز … وفساد سلطة رابعة ..!!

مخالفات وابتزاز … وفساد سلطة رابعة ..!!
** ما بين وزير المالية ومستشار رئيس الجمهورية ليس بقضية سياسية، ولكنها قضية مخالفات مالية وإدارية، وكذلك ابتزاز ، ثم القضية تكشف بعض أوجه الفساد بالسلطة الرابعة .. لقد نجح زميلنا – بالوطن – عبد الباقي جبارة، في رصد وتوثيق القضية بمهنية عالية أدانت كل أطرافها..وزارة المالية صدقت لوزير المالية بمبلغ( 32.391.70 دولارا)، لعلاج ابنه – شفاه الله – بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك خصما من إيراد بعثة السودان الدبلوماسية بأمريكا، وعلى أن يكون المبلغ خصما من بند العلاج بالخارج للعام المالي الحالي، أو هكذا يقول نص الوثيقة التي تحمل توقيع منى أبوحراز، وكيل وزارة المالية بالإنابة، والمعنونة لوزارة الخارجية..!!
**وزير المالية يبرر محتوى الوثيقة على النحو الآتي : لم أطلب من الوزارة أو أية جهة بدفع تكاليف علاج ابني، بل وزارة المالية هي التي طالبت وزارة الخارجية – دون علمي – بدفع ذاك المبلغ، وعلاج ابني حق يكفله الدستور واللوائح ..ذاك تبريره، وعليه : نعم للوزير وأسرته حق العلاج بالداخل والخارج على حساب الدولة، وما في ذلك شك.. ولكن هناك لوائح تنظم هذا الحق، وللأسف لم تتبع وزارة المالية تلك اللوائح..الأمانة العامة لمجلس الوزراء هي الجهة المناط بها علاج الدستوريين وأسرهم، بالداخل في مستشفى ساهرون وبالخارج حسب توصية القومسيون الطبي، وذلك خصما من بند العلاج، وليس خصما من موارد وميزانيات السفارات..أوراق نجل الوزير – شفاه الله – لم تمر بأمانة ذاك المجلس، وكذلك لم تمر بإدارة مستشفى ساهرون، وأيضا لم تمر بالقومسيون الطبي، ثم تلك التكاليف لم تصرف من بند العلاج بمجلس الوزراء، ولكن من إيراد البعثة الدبلوماسية، أي قبل أن توردها تلك البعثة في حساب وزارة المالية.. وإن كان بغير علم الوزير تم ذاك الإجراء – حسب حديثه – أو بعلمه، فإن وزارته ارتكبت حزمة مخالفات مالية وإدارية تستدعي التحقيق والمحاسبة واسترجاع هذا المبلغ..!!
** ثم الطامة الأخرى، هي الوثيقة التالية..( الأخت العزيزة منى أبوحراز، لك الود والتحية، هناك أمر هام وضروري يتعلق بابن السيد الوزير وعلاجه بالخارج وبإمضائك.. وجدت هذه الأوراق مع أحد الصحفيين وأوقفته لكم، والموضوع يحتاج إلى معالجة، سأمر عليك لاحقا اليوم..أوراقنا مع الأخت إنعام، نرجو أن ترى طريقها للنور.. مع تحياتي، د. أحمد )..هكذا الوثيقة، تفسيرها أن الدكتور أحمد بلال، مستشار رئيس الجمهورية، وجد وثيقة علاج ابن وزير المالية عند أحد الصحفيين، وأقنع الصحفي بعدم نشرها، ووافق الصحفي على ذلك مقابل (معالجة الأمر)..ولكن المستشار لم يخطر وكيل الوزارة بالإنابة بما فعله مع الصحفي ليس حبا فيها ولا تقديرا لها، بل فعل لتدفع وزارة المالية مبلغ ( 100 مليون جنيها) لقرية سيادته، وكانت الوزارة قد تبرعت بالمبلغ للقرية وتلكأت في الالتزام به..وعليه، الابتزاز يتجلى في وثيقة مستشار الرئيس بشكل قبيح..إذ تقول تلك الوثيقة بالبلدى كدة : ( يا جماعة انتو خالفتو اللوائح بعلاج ولد الوزير، وفي صحفي كان عاوز ينشر المخالفة لكن أنا منعتو..يلا أدوني المية مليون حقت قريتي )..ابتزاز رخيص، وتصرف غير مسؤول من مستشار رئيس الجمهورية.. لو كان مسؤولا لذهب بتلك الوثيقة إلى رئيس الجمهورية أو نائبه مع خطاب فحواه ( للعلم والإفادة ).. ولو كان أمينا ونزيها لما منع الصحفي من نشرها..ولوكان صادقا مع الله ثم نفسه وأهل بلده، لما لمح لوكيل الوزارة بأن تلك المخالفة يمكن معالجتها بشئ غير القانون، أي ( ممكن نلمها مع بعض ونسكت الصحفي، وكل شئ بي تمنو)..هذا المستشار الذي يفسد السلطة الرابعة ويخفي الحقائق عن الرأي العام ويبتز المخالفين للقانون غير مؤهل بأن يكون مستشارا لرئيس جمورية البلد ..!!
** على كل حال، هذه قضية – كما القضايا – سوف تتبخر وقائعها بكل شخوصها من سطح الأحداث خلال هذا الأسبوع، وسوف تتناساها ذاكرة الصحف ولن تجد طريقا إلى دروب التحقيق والمحاسبة.. ولذلك، لن نطالب بالتحقيق والمحاسبة، بل نطالب بترقية كل المتورطين بوزارة المالية وكذلك مستشار رئيس الجمهورية، بحيث يكونوا أكثر نفوذا وأفدح مخالفة وأقبح ابتزازا في حكومة الجمهورية الثانية.. ولكن ثمة سؤال لسادة لجنة الإعلام بالبرلمان ومجلس الصحافة واتحاد الصحفيين : ماذا أنتم فاعلون ومستشار الرئيس يعترف – كتابة بخط يده – بأنه نجح في إقناع أحد الصحفيين بعدم نشر وثيقة مخالفة حدثت في وزارة المالية ؟.. فالقضية ليست بمخالفات وزارة أو ابتزاز مستشار فقط، بل فساد السلطة الرابعة يتجلى في سطور وثائقهم..أها، ح تعملوا شنو يا فتحي شيلا ويا شمو ويا تيتاوي ؟.. إذا تواصل صمتكم، بلا تحقيق يكشف هذا الصحفي المشار إليه ورئيس تحريره وصحيفتهما، سوف نطالب بترقيتكم أيضا، لتكونوا أفضل حماة لـ( مفسدي السلطة الرابعة) …!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]