عبد اللطيف البوني

براوة لمبارك وبن علي


براوة لمبارك وبن علي
لاادري لماذا اندثرت كلمة براوة وهي تعني الصفقة استحسانا ففي ايام طفولتنا (دي كانت متين ياربي؟) كان الاباء عندما يعجبون بفعل من افعالنا يقولون لنا (براوة عليك) حتى في المدرسة عندما يقول الاستاذ في الطابور الصباحي براوة لفلان اي صفقوا له . لا ادري من اين جاءت هذه الكلمة فلم اعثر عليها في قاموس العامية في السودان لمؤلفه البروفسير عون الشريف قاسم . اما المناسبة التي جعلتنا نتخذها رمية اليوم هي وانا اتامل مايجري في ليبيا واليمن وسوريا ثم قارنته بما تم في تونس ومصر فقلت في نفسي (والله براوة على حسني مبارك وقبله زين العابدين بن علي) لانهما بكل ذوق وانسانية غادرا موقعيهما ولم يكلفا شعبهما مثل تلك التكلفة الباهظة في الدول الثلاث الاخرى . قد يقول قائل ان الامر لايرجع لذوق الرجلين انما يرجع لخوفهما فهما يفتقدان لجسارة القذافي وعلي عبدالله صالح او على الاقل الاخيرين (قلبهم ميت) ولاتجد مقولة (الخواف ربى عياله) طريقها اليه .ربما يضيف ثالث ان الامر متعلق بالثقافة والموقف الحضاري فبن علي ومبارك من شعوب اكثر تحضرا والمقياس هنا طبعا المدنية الغربية فغربنة مصر وتونس لاتقارن ببقية البلاد العربية, فكما هو معلوم ان الغربنة والتحضر يتناسبان تناسبا عكسيا مع التشبث والرجالة (العضلية) وميتة القلب لكن دعونا ننظر للامر من ناحية موضوعية ونترك المواقف الفردية جانبا ولو مؤقتا فالمعلوم ان الجيشين في تونس ومصر ابعد ما يكونان عن القبلية فهما قوميان فالمفاضلة والمحاباة داخلهما قد تكون على اسس ايدلوجية وفكرية فالقبلية قد ضعفت الى حد بعيد في هاتين الدولتين وعلى اقل تقدير ابتعدت عن الدولة ومؤسساتها خاصة الجيش الذي تمكنت منه العقيدة القومية بينما القبيلة في اليمن لها مكانتها الكبيرة في الدولة وكل مؤسساتها بما في ذلك الجيش, اما في ليبيا فالقذافي حل الجيش الليبي واحتكر القوة المسلحة لاهله فعدم وجود الجيش القومي هو سبب نكبة ليبيا واليمن, اما سوريا فالطائفية المذهبية هي سيدة الموقف وهذه قصة اخرى قد نعود لها فيما بعد ما تقدم لايعني ان نظامي حسني مبارك وزين العابدين مبرآن من المحسوبية والفساد وعدم تسخير الدولة وتطويع قوانينها للمصلحة الخاصة . فاسرتا الرجلين كانتا الحاكمتين في البلدين فمن منا لم يسمع بليلى الطرابلسي وسوزان مبارك ومدى تحكمهما في شئون الدولة في البلدين لابل لن نستبعد ان يكون للسيدتين القدح المعلى في الطريقة التي فر بها الرجلان من قصور الرئاسة فان كان ذلك كذلك تكون هاتان السيديتان قد قدمتا لشعبيهما خدمة جليلة قد تخفف كثيرا من ما ارتكبتاه في حق الشعبين, لا اظن ان الفساد يدخل في المفاضلة بين الدول اعلاه بمعنى ان مبارك وبن علي كانا اقل فسادا لذلك تنحيا بسهولة اي انهما اقل خوفا من المحاسبة والقذافي وعلي عبد الله جرائمهما كبيرة لذلك اشتدت مقاومتهما فالرؤساء الاربعة (نخلي بشار لمناسبة اخرى) كلهم متسلطون وكل واحد منهم تفرعن و قال لشعبه (انا ربكم الاعلى) ولكن حتى في هذا فهناك فرق فالشعوب المتحضرة فساد حكامها شكله ظريف شوية اما الاخرى ففساد العوارة هو سيد الموقف
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]