جعفر عباس
أبوالجعافر والفئران!
ثارت ضجة في بريطانيا مؤخرا لان استطلاعا أبان ان نحو نصف العائلات البريطانية ما عادت تقرأ قصص ما قبل النوم للأطفال، وقيل ان الحرمان من تلك القصص يسبب للأطفال اضطرابات نفسية ويضعف روابطهم بآبائهم وأمهاتهم، وبحمد الله فقد شبعت في طفولتي من قصص الأمهات والجدات وكلها عن الغول انتزع عين فاطمة السمحة، والبعاتي (ميت ينهض من قبره) الذي بقر بطن زوجته لأنها تزوجت بعد وفاته، وما الى ذلك من حكايات تشرح الصدر وتجعل العين عاجزة عن الإغماض!
الشاهد هو أنني أعاني من صعوبات جمة في استدراج النوم وفكرت جديا في نيل جنسية جمهورية جنوب السودان لأعيش في المنطقة الموبوءة بذبابة التسي تسي التي تسبب مرض النوم، وبعد لسعتين أو ثلاث أعود الى مقر عملي في دولة قطر لأنعم بالنوم المتواصل عشرين ساعة يوميا وبعد ان يصل الحال بي الى درجة مَرَضية ارفع دعوى على الشركة التي اعمل بها زاعما ان أحد الزملاء عضّني مما أصابني بمرض النوم، وأطالب بالتعويض عن إصابة العمل، وتفاديا للتشهير والجرجرة في المحاكم يصلون معي الى تسوية ودية ويعطونني بضعة ملايين فأهاجر الى كندا ثم أعود منها بعد سنوات الى منطقة الخليج «خبيرا أجنبيا».. وقد ظللت غير عابئ كثيرا بمسألة النوم هذه الى ان قرأت تقريرا في «الاوبزيرفر» اللندنية يقول ان الحرمان من ساعات كافية من النوم يضعف جهاز المناعة ويجعل المصاب بالأرق عرضة لأمراض عديدة من بينها السرطان، فما بالك اذا كان المؤرق شخصا مثلي بنيته الأساسية ضعيفة بسبب سوء التغذية في الطفولة؟ سنويا يموت في بريطانيا 45000 شخص في حوادث سيارات لانهم كانوا يقودون سياراتهم وهم بين اليقظة والمنام، فماتوا او تسببوا في موت غيرهم، ويقول البورفيسور غريغوري ستورز من جامعة اوكسفورد ان الكثيرين لا يدركون ان نقص ساعات النوم لا يقل خطورة عن نقص التغذية، وان أطباء بريطانيا أصدروا العام الماضي 14 مليون وصفة بعقاقير منومة، وفي مدينة ادنبره باسكتلندا مركز للنوم (سليب سنتر) – ما أروع الخواجات فلديهم اختصاصيون في كل شيء – واثبت الباحثون في هذا المركز ان الحرمان من النوم لليلتين يؤدي الى ارتفاع الكورتيسول، وهو ستيرويد طبيعي وهرمون يتحكم في الانفعالات، مما يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم، وبالنسبة إلى المصابين بال «أبْنِيا» وهو اضطراب في التنفس أثناء النوم فإن ذلك يؤدي الى الإصابة بأمراض القلب، واتضح ان حرمان الفئران من النوم لأسبوعين وهو ما يعادل ثلاثة اشهر للآدمي، يؤدي الى وفاتها وبما ان هناك صلة رحم وقرابة بين الإنسان العربي والفأر لأن العربي قليل الحيلة وعليه ان يحرص طوال حياته على تفادي الشراك والفخاخ، مثل الفأر تماما، فمن المؤكد ان ما ينطبق على الفأر ينطبق على المواطن العربي. [EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]