عبد اللطيف البوني

ما اسم هذا اليوم ؟

ما اسم هذا اليوم ؟
أكون كاذباً لو قلت أنني لست حزيناً للتغيير الذي حدث لخريطة السودان. فالخريطة القديمة انحفرت في وجداننا ويمكننا أن نرسمها ونحن مغمضين بينما الخارطة الجديدة قبيحة ومنفرة ووقعها السياسي على النفس مؤلم . ولكن في نفس الوقت ينبغي أن نذكر أن الانفصال ليس وليد اليوم السبت التاسع من السابع إنما كان نتيجة تراكمات يمكن إرجاعها لأكثر من قرن من الزمان بدأت بسياسة المناطق المقفولة، ثم وتصاعدت إلى أن وصلت قمة من قممها في أحداث توريت أغسطس 1955 ثم قمة أخرى في المطالبة بالانفصال في مؤتمر المائدة المستديرة 1965 ، ثم قمة ثالثة عندما ظهر مبدأ تقرير المصير (وهو اسم الدلع للانفصال)، وأخيراً جاءت قمة القمم نيفاشا التي رسمت خارطة الطريق للانفصال ووضعته على الأرض. قبل نيفاشا كان الكلام في الهواء.
معظم الشماليين إن لم أقل كلهم إلا قليلا منهم في غاية الحزن وهم يشاهدون مناظر هذا اليوم (التاريخي) لا بل بعضهم سوف يلطم الخدود ويشق الجيوب ولكن علينا أن نتذكر أن هناك إخوة لنا في الجنوب يغنون و يرقصون ويتقافزون في الهواء فرحاً لأنهم نالوا استقلالهم أن فرحة الجنوبيين في هذا اليوم لايمكن مقارنتها بفرحة الشعب السوداني الشمالي في مطلع يناير 1956 أي يوم نيل الاستقلال . إنهم يعتبرون أن استقلال السودان في ذلك اليوم جاء (سمبلة ساكت) أما استقلالهم اليوم فقد جاء نتيجة دم ودموع وتضحيات جسيمة ويظهر بوضوح في نشيدهم الوطني الذي سوف يتغنون به اليوم . بعبارة جامعة إن ما يؤلمنا اليوم هو نفس مايفرح الجنوبيين وبالتالي لابد من معادلة تعيد التوازن للجميع في الشمال والجنوب.
يبدو لي أن هذه المعادلة المطلوبة هي أن نخفض نحن الشماليين من أحزاننا ويخفض الجنوبيون من أفراحهم هذا لن يحدث اليوم لأن اليوم هو يوم (السكرة) ولكن غداً يمكن أن تأتي الفكرة ويحدث الاقتصاد في المشاعر المشار إليها بشقيها السالب والإيجابي ثم نبدأ في وضع خارطة طريق لعلاقات جديدة وهذه تبدأ بتسمية هذا اليوم التاسع من السابع هل يوم الانفصال والانشقاق أم هو يوم الاستقلال والتحرير؟ إذا قلنا إنه يوم الانفصال فهذا يعني أن الذي قام به متمردون على الدولة إذا قلنا إنه يوم التحرير والاستقلال فهذا يعني أن الشمال كان مستعمراً ومستنزفاً للجنوب ؟ أها ياجماعة الخير نسميه شنو ؟ يوم الفراق, يوم الوداع, يوم المفاصلة, يوم الموادعة, يوم العلمين, يوم التنظيم, يوم التراضي؟ العبد لله شخصياً ليس له اسم محدد ولكن لايشك في عبقرية الشعب السوداني يمكنها أن تنتج اسماً لاينكأ جرحاً ولايبخس جهداً.
في تقديري أنه إذا نجحنا في إيجاد اسم نتراضى عليه جميعاً سيكون هذا مدخلاً لتأسيس علاقة حميدة بين الشعبين اللذين كانا شعباً واحداً أما إذا تركنا الأمر عما هو عليه الآن يعتبره الجنوبيون يوم الحرية والاستقلال ونعتبره نحن يوم الانفصال والانشقاق فإن هذا سوف يؤسس لعلاقة مأزومة ومصير اكثر ازمة لاسيما وان الأزمة تحاصرنا الآن ومن قولة ( تيت).
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]