صلاح شكوكو

المريخ .. خطوات تنظيم


المريخ .. خطوات تنظيم
إنتهت سيكافا وأُستدل الستار عن فصول دورة كانت يعول عليها المريخ كثيرا، فقد كانت تعنى له الكثير، بل أراد أن يقيمها داخل السودان مما يعني كمال جاهزيته لها، لكن المريخ خرج منها أمام سيمبا التنزاني بركلات الترجيح، ورغم أن الركلات الترجيحية في المعيار الفني الدقيق لا تعتبر حسما فنيا بالمعنى الدقيق للكلمة، لكنها في خاتمة المطاف صورة من صور الحسم التقديري التي أعتبرت ضرورية، لكنها تُدلل على الطريقة الأدائية التي أوصلت الفريق لها والتي تكون في أحايين معينة ضربات يؤديها بعض اللاعبين مع حراس المرمى .

لكن السؤال سيظل محصورا في الطريقة التي أدى بها المريخ مبارياته التي أدت للخروج للوقوف على مدى القوة والضعف التي لازمت المريخ في مبارياته ، فقد شهدنا أداءا بطيئا وأخطاء متكررة في خطوط اللعب ، تدلل بجلاء على أن المريخ مازال يعاني في جميع الخطوط مما يجعله فنيا فريقا يحتاج الى الكثير، رغم الصرف الكبير الذي تم لتأهيله والمدة الكافية للبناء، مما يشير الى أن البدري لم يصل بعد الى الشكل الذي يجعله مطمئنا على فريقة بصورة كبيرة، وهذا الضعف من المؤكد أنه أتاح الفرصة لحارس المرمى كي يظهر بمظهر الرجل الذي يتحمّل الأوزار.

ولا يستطيع أحد أن يقول أنه مطمئن على المريخ في ظل قيادة البدري، لأن الفريق لم يبتعد كثيرا عن المرحلة التي تسلم فيها البدري الجانب الفني فيه ، مما يعني أن البدري لم يستطيع حتى الآن تشكيل فريق منسجم على الوجه المقتع ، وإن كانت الإدارة أيضا تتحمل جزءا من هذا الإيقاع البطيء الذي جعل خطوات المريخ تسير بخطى (محلك سير) أو ما يعرف عسكريا بالخطوات التنظيمية.

لكن المشكلة أن هذه الخطوات طال أمدها ، فالمريخ يصارع نفسه على أمل أن يحقق نصرا خارجيا أو إقليميا يحقق له قدرا من الدفع المعنوي الذي يحتاجه ويمكن أن يمهد للبنيان البشري في تركيبة الفريق، لكن المشكلة الأكبر في المريخ وغيره من الفرق السودانية أن هناك خلل كبير في البنيان الإداري، بسبب الإزدواجية التي يعاني منها ، لأن رئيس النادي هو الذي يدفع الأمول للنادي مما يجعل الإدارة مختلطة الى حد كبير مع الدعم، لأن رئيس المريخ هو الذي يدفع للمحترفين وللجهاز الفتي ولخزينة النادي مما يجعل أمر النادي بكامله مرهون بقرار رئيسة، مما يجعل الحد الفاصل بين المؤسسية والذاتية متداخلة في منطقة رمادية غيبت دور المحاسبة الفنية.

بهذه المعايير الإدارية والفنية تتحرك وتمخر سفينة المريخ في بحر الممارسة، لكنها في الحقيقة تظهر للعيان بوجه مختلف لأن الناس يرون الصرف البذخي وإستقدام المحترفين والمدربين، الى جانب البنية التحتية التي تمثلت في تحديث النادي والإستاد، وكثيرون من هؤلاء لا يدركون أن فك الإرتباط بين الدفع المادي والإدارة المجردة شيء مطلوب وبشدة لأن المعايير تختلف في الشأن الفني فما يراه السيد الرئيس خيرا قد يراه غيره شرا كبيرا .

ورغم إدراكي بمدى إخلاص الوالي للمريخ، ومحاولته السير بوتيرة المؤسسية فيه إلا أن الفصل بينه كرئيس وكداعم لن يتأتى في هذا الجو الذي نعيشه، في ظل التداخل الحاد في الإختصاصات، مما يجعل جهده المخلص يضيع في زحمة التقاطعات والتشعبات المعقدة، والخير كل الخير في الفصل التام .

لكن الأغرب ما كان من أمر سيكافا التي ثبت يقينا فيها أن الجهاز الفني للمريخ بقياد البدري الذي لم يستطيع إختيار عناصر جيدة مما هو متاح أمامه، فقد كانت خطوطه متباعدة تعكس عدم قدرته على خلق ترابط بين اللاعبين وهذه ناحية خططية يوظف فيها المدرب اللاعبين حسب مقدراتهم على العطاء، من خلال تفهمه لإمكانيات كل لاعب في الفريق وهذا يعني واحدا من إثنين إما أنه لم يتفهم بعد مقدرات لاعبية أو أنه تفهم ذلك لكنه لم يستطيع توليفهم بالصورة المثالية وكلا الموقفين يدللان على مشكلة فنية .

الى جانب أن المريخ لم يستطيع الإستفادة من اللاعبين المحترفين الذين إستجلبهم من الخارج لدعم صفوفه والذين لم يستطيع إدراجهم في اللعب لقياس قدراتهم الأدائية ذلك أن مثل هذه المباريات هي التي تعطي المدرب المؤشرات الفنية لإمكانيات هؤلاء اللاعبين، وهذه أيضا صورة من الصور السالبة للبدري، الذي يجب أن يقدم تقريرا فنا للنادي.

لكن المحيّر ليس طرد البدري من مباراة معينة لأن مثل هذا يمكن أن يحدث في أي مباراة، لكن الأدهى هو التبرير الواهي الذي خرج به البدري ليغلف به إحتجاجه على طرده أثناء لقاء بونامويا الأوغندي ومحاولته إفهامنا أن إحتجاجه كان تكتيكا لمصلحة الفريق، ونسي أن أول تنبيه يقوم به المدرب للاعبيه هو ضرورة أحترام قرارات الحكام دون مناقشة حتى لو كانت على ظن الخطأ، وإلا كيف يكون المدرب قدوة للاعبين؟ .

لسنا هنا معنيين بالحديث عن الخروج بتفاصيله.. لأن الخروج أحد إحتمالات المباريات والمشاركات لكننا معنيين بنوعية المشاركة التي يمكن أن تدلل على أن هناك جهدا مبذولا يستحق هذا الصرف الكبير، لأن هذه المباريات هي الإختبارات الحقيقية التي تبيّن لنا الموقف ، وتدلنا على موقفنا في المؤشرالعام للأداء.

ومازلنا نتطلع لليوم الذي نرى فيه المريخ بذالكم البهاء المهيب، الذي كان يزلزل أفريقيا وينازل فرقها بقوة الشكيمة وشراسة المراس، والذي ظل دوما يحفظ للكرة السودانية مكانتها، ونتأسى أن نرى الآخرون يستأسدون عليه في الحافل.

أنا لا أدعو للبكاء على المريخ ولا العويل على الأداء الضعيف الذي لازمه، لكنني أصوب نحو جزئية مهمة ينبغي أن يهتم بها أهل الرياضة في بلادنا وهي ضروة الفصل بين الداعمين للأندية ومجالس الإدارة، ثم بعد ذلك تكوين مجالس فنية متخصصة تتولى أمر إستجلاب الأجهزة الفنية والمحترفين وتسجيل اللاعبين المحليين، وكل الأمور الفنية التي يحتاجها الفريق ، وبصورة خاصة في ناديي الهلال والمريخ، لأنهما هما المعنيان بكل هذا وما سواهما إلا أندية تتسول الطريق وتنتظر مبارياتهما لتضمن بعض الفتات.
——————-
ملء السنابل تنحني بتواضع ….. والفارغات رؤوسهن شوامخ
——————- صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو )
[email]shococo@hotmail.com[/email]