زهير السراج

(سوء) الصين العظيم..!!

(سوء) الصين العظيم..!!
* في حديثه للجالية السودانية بالعاصمة الصينية ( بكين) خلال زيارته الأخيرة، تحدث الرئيس البشير بإعجاب يفوق الوصف عن الصينيين، وما يقدمونه من خدمة كبيرة للسودان فى تنمية وتطوير البلاد وإنشاء البنية التحتية للخدمات الأساسية، بالإضافة الى عقودهم المثالية فى مجال البترول التى تتفوق على عقود دول الغرب ..إلخ..!!

* وليسمح لي السيد الرئيس أن أختلف معه فى إعجابه بالأسطورة الصينية التى لا يخفى على أحد أنها تستغل الدول الأفريقية أبشع استغلال! وتستأثر بمواردها الخام (بترول، مطاط، حديد، نحاس، كوبالت، قصدير ذهب، بلاتين ..إلخ) التى تأخذها بسعر التراب، وتبيع لها فى مقابلها بعض السلع الرديئة، بالاضافة الى السلعة الرئيسية المحببة اليها وهى السلاح (بما قيمته أربعين بليون دولار سنويا) الذي تقاتل به الحكومات الإفريقية بعضها البعض، أو تستخدمه فى حروبها الأهلية، ومن الطرائف (او المبكيات) أن الصين كانت المصدر للرئيسي للأسلحة (ولا تزال) لإثيوبيا وإرتريا خلال حرب الدولتين فى الفترة بين عامى 1998 و2000 والتي بلغ عدد ضحاياها مائة ألف انسان ما بين قتيل وجريح..!!

* وغير الأسلحة التى تبيد بها شعوب افريقيا بعضها البعض، فإن ممارسات الصين فى الدول التى تستثمر فيها (أو بالأحرى تستغفلها و تستعمرها) تتراوح ما بين الإساءة والضرب اليومى المنتظم للعمال المحليين والأجور الضئيلة التى تمنحها لهم ( 4 دولارات فى اليوم في زمبابوي) واستخدام العمالة الصينية بكثافة كبيرة فى أبسط الأعمال بدلا عن العمال المحليين، وكرد فعل لهذه الأوضاع السيئة فإن زمبابوي (على سبيل المثال) تشهد اضرابات عمالية متواصلة بدون ان تتحسن الأحوال بسبب الموقف السلبي للحكومة بل والداعم للشركات الصينية، ولقد وصف طباخ يعمل فى مطعم صيني بالعاصمة هراري الوضع الذى يعمل فيه مع (هؤلاء القادمين من الشرق) بأنه (جهنم على الأرض).

* فى السودان يوجد أكثر من عشرة آلاف صيني يعمل معظمهم في أعمال بسيطة ( كالنجارة والحدادة بل والعتالة)، وكان يمكن للشركات الصينية أن تستخدم بدلا عنهم عمالا محليين، وتخدم اقتصاد البلد بشكل مباشر بزيادة فرص العمل وتخفيض نسبة العطالة وتأهيل عمال مهرة، لو كانت بالفعل تسعى لخير السودان، ولكن لأن تفكيرها فى المقام الأول منصب على نفسها ومصالحها فإنها لا تفكر مجرد تفكير فى استخدام عمال سودانيين حتى فى الاشغال البسيطة، دعك من تأهيل عمال فى مجالات تحتاج الى مهارة، بل حتى منشآت النفط التى تخدم مصلحة الصين مثل خط الأنابيب يحرسها جنود صينيون !!

* فضلاعن ذلك فإن بعض المنشآت الخدمية فى مناطق عمل الشركات الصينية فى المناطق الريفية مثل المستشفيات الميدانية التى تقدم بعض الخدمات الطبية البسيطة غير مسموح للأهالي المقيمين فى تلك المناطق بارتيادها، دعك من إنشاء مستشفيات لأهالي المنطقة او حفائر لمياه الشرب أو الطرق الاسفلتية الا بما يخدم فقط مصلحة تلك الشركات، بل حتى خدمات الطعام التى تقدم للصينيين غير مسموح للعمال السودانيين العاملين مع الشركات؛ الاستفادة منها فما الذى يعجب فى الصينيين، وأختم بقولة مشهورة سمعتها بأذني، ولم ينقلها لى أحد، من أديبنا الكبير الراحل المقيم البروفيسور عبدالله الطيب: (احذروا الجنس الأصفر، فإنهم لو دخلوا بلدا لن يخرجوا منها ابدا).
زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email] الاخبار، 13 يوليو 2011