زهير السراج

سوء الصين العظيم ..( 2 )


(سوء) الصين العظيم ..( 2 )
* أعود للحديث عن (سوء الصين العظيم) الذى بدأته فى الاسبوع الماضى، وأذكر هنا تجربتين كنت شاهد عيان، عليهما وهما يوضحان بجلاء كيف تتعامل الشركات الصينية مع المواطنين السودانيين مثل الشركة الصينية التى شيدت خط الأنابيب، وكيف تتعامل غيرها من الشركات الأجنبية مثل الشركة الألمانية التى رصفت طريق كوستي جبل أولياء..!!

* اختارت الشركتان قرية أو (مدينة ) الشوال في النيل الأبيض كموقع لإقامة المهندسين والمشرفين على تنفيذ المشروعين.

* الشركة الألمانية أقامت مدينة صغيرة بالمواد الثابتة مثل الخرصانة وجهزتها ببئر ماء عميقة وحوض سباحة وسورتها بالسلك الشائك، وكانت تستخدم كل العمالة الموجودة بالقرية فى كل أعمالها حتى في الوظائف الأخرى مثل الحسابات وغيرها، ومن الطرائف أنهم وجدوا مواطناً من الشوال في سن المعاش درس الجامعة في ألمانيا، وعاش فيها فترة من الزمن فاستخدمته كمترجم، كما استخدموا الكثير من الطلاب فى مرحلتي الثانوى والوسطى كمترجمين فوريين يرافقون المهندسين في مواقع العمل لترجمة توجيهاتم للعمال من الانجليزية الى العربية (كان هذا هو مستوى الطلاب زمان) ــ وأحد هؤلاء الطلاب يعمل الآن استاذا للغة الانجليزية لغير الناطقين بها بإحدى الجامعات الأمريكية.

* فضلا عن ذلك، قدم الخواجات عونا كثيرا ومباشرا لأهل القرية، وأنشأوا مشتلاً كانوا يدفعون تكلفة الاشراف عليه من مالهم الخاص، وكانوا يقدمون من وقت لآخر الوقود لمحطة المياه والكهرباء لندرة الوقود في تلك الفترة.

*عندما انتهى المشروع باعوا كل معداتهم الصغيرة مثل التركترات لأهل المنطقة بثمن زهيد، وتركوا مدينتهم كما هي ببيوتها ومكاتبها وكهربتها ومياهها وسورها وكل شيء للمواطنين، وكان من الممكن الاستفادة منها كمستشفى او مدرسة ثانوية، ولكن بكل أسف استولى عليها الجيش ثم آلت ملكيتها لأفراد واصبحت خرابا (ولقد وقفت على آثارها فى زيارة صحفية للمنطقة). هذا هو النموذج الغربى.

* أما الصينيون فأشادوا مدينة من الخيم، وكان سورها عبارة عن حائط ترابي حيث أتوا بآلياتهم وحفروا الأرض وأقاموا حاجزاً ترابيا سوروا به تلك الخيم، وعندما انتهوا من المشروع ما تركوا لأهل القرية غير السور الترابي والخندق الذي يحيط به من كل جانب والذى أصبح مصدرا للخطر البيئي الدائم على القرية حيث تتجمع فيه الأوساخ التي تحلمها الرياح ومياه الأمطار وتتوالد الحشرات الضارة لتفتك بأهل المنطقة، ولم يسألهم احد حتى الآن بأن يزيلوا ما أحدثوه من خراب ودمار وأذى للبيئة وللمواطنين ( ولقد وقفت على ما فعله الصينيون فى نفس الزيارة) .

* هذا ما تفعله الصين الطيبة الحنينة ببلادي وأهلي أيها الناس، وذلك ما فعلته شركات اوروبا الامبريالية الاستعمارية، فأيهما أرحم ؟!

مناظير
زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email] الاخبار، 19 يوليو 2011