الطاهر ساتي

أزمة السواح ..دروس مهمة ..!!

[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]أزمة السواح ..دروس مهمة ..!![/ALIGN] ** في البدء .. سودانية كانت تلك الخيول التي جقلبت فى جبل عوينات في الاسبوع الأخير من شهر رمضان المعظم ، وهي التي تستحق شكرا عميقا من الرهائن وأهلهم وبلادهم ، بيد أن شكرا خجولا ذهب ليلة فك أسر الرهائن إلى حماد .. نعم ، حماد يستحق شكر مناولة الرهائن ثم أجر ترحيلهم من منطقة العوينات ، ولكن تلك الخيول السودانية الأصيلة التي بذلت الدم والعرق هي التى يجب أن تنال شكر فك أسرهم من براثن خاطفيهم ..وقد ترى الدولة السودانية بأن أزمة الرهائن كانت إنسانية قبل كل شئ ، ولا تستحق ضوضاء إثبات الذات وإبانة تضحيات جنودها ، وهو تبرير بلا لون أو طعم وغير مقبول ، حيث المباهاة في بعض المواقف شرف وتاج عز للمتباهي ، ومن حق قواتنا المسلحة أن تتباهى بذاك النصر الذي تحقق دون أن يفقد رهين روحه أو دمه .. فالتحية لأفرادها ، والدعاء لجرحاهم بالشفاء ..!!
** ثم ننظر لقضية خطف السواح من عدة زوايا ..ان تدخل مجموعة مسلحة أرض مصر بعرباتها وأسلحتها وتتوغل في المناطق السياحية وتخطف سواحا ، تلك إشارة واضحة بأن هناك إختراقا أمنيا قد حدث لدولة أقوى ما فيها أجهزتها الأمنية وعدة جيشها وعتاد شرطتها ، وهذا شأن مصري يجب أن يقف عنده الشعب والحكومة هناك طويلا ، فالسياحة مورد استراتيجي للجارة ، وماحدث لهؤلاء السواح قد يثير انتباهة الآخرين ، خاصة أن الاعلام الغربي كان هو رائد الكل في التغطية وبث التوجس بمختلف اللغات .. ولن نسترسل ، فأهل مكة هناك يعرفون شعابها ، ويفهمون مقاصدنا التى تأمل أن يخرجوا من هذه التجربة بما يؤمن حدود بلادهم من المخاطر ..!!
** وكذلك ماحدث للسواح يكشف لكل دول الجوار بان أزمة دارفور ما لم تجد حلا عاجلا لن تظل أزمة سودانية فقط، كما يظن البعض الذي كان يظن باستحالة تحرك مجموعة مسلحة من السودان أو تشاد ثم تتخطى الحدود المصرية ، هذا لم يكن فى حسبان الكثيرين ، ولكن حدث .. وتفاقم الأزمة – تحت أي ظرف في دارفور – قد يؤدي الي حدوث أشياء كثيرة – فى المنطقة – ليست فى الحسبان أيضا ..فالعقلاء في مصر والسودان حين يربطون أمن هذا بأمن تلك ، فان ربطهم هذا هو عين الحقيقة ومربط الصواب ..بل حقيقتهم تتجاوز مصر والسودان إلى ليبيا وآخريات أيضا .. فالموقع الجغرافي للسودان يزاحم دولا يجب أن تكون هي الأحرص على استقرار السودان .. وإذا عطست هذه الخرطوم – لا قدر الله – فان عواصم آخرى ستصاب بالزكام .. وعليه ، فان الهم في سلام دارفور يجب أن يكون جماعيا وليس من الحكمة الأفروعربية اختزال الهم هناك فى الحكومة والحركات المسلحة فقط ، وكذلك ليس من العقل أن تتفرج دول الجوار على لعبة الأمم الدولية ..فتلك لعبة أعدت خصيصا لصناعة مايسميها لاعبوها بال« فوضى الخلاقة » .. وهى ليست خلاقة ، أو كما قال حال السواح في ليلة العيد …!!
** تلك هى أهم دروس تلك التجربة التى قدمها أحد عشر سائحا للسودان ودول الجوار .. يجب استيعابها جيدا ، وبدلا عن لعن وسب الخاطفين يجب أن تتسارع الخطى لحل أزمة دارفور .. تلك الأزمة هى البحيرة التى تتفرع منها مثل هذه المواجع .. فالبكاء السياسي والإعلامي على المواجع كل عام أو كل شهر ليس بذي نفع ، فقط الذي ينفع الناس في بلدي والبلاد المجاورة هو العمل السياسي الجاد الذي يؤدي إلى نزع الأزمة من تلك البحيرة ، وهكذا سيستقر السودان و تتنفس دول الجوار الصعداء .. تلك هى دروس الأزمة ، ونأمل أن يفهمها كل من يهمهم الأمر .. علما بأن الأمر هنا ..« يهم الكل » ..!!
إليكم – الصحافة -الاحد 05/10/ 2008م،العدد5491
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]