عبد اللطيف البوني

قروشي,, روشي,, شي ,, شي


قروشي,, روشي,, شي ,, شي
بما أن قيام دولة جنوب السودان (افتكر بعد دا مافي داعي لحكاية انفصال وكدا ) الذي تم بالتراضي بين الحكومتين الشمالية والجنوبية كانت هناك نقاط خلاف ظلت عالقة وقيل إنها لن تعيق الاستقلال وكانت هناك نقاط اتفاق ومن هذه الأخيرة العملة فهناك اتفاق بأن تكون للجنوب عملته الخاصة لأنه أصبح دولة ذات سيادة ولكن بما أن الجنوب كان جزءاً من دولة ويتعامل بعملتها لابد من أن تسحب منه تلك العملة تدريجيا لسببين الأول حتى لايحدث فراغ نقدي في الجنوب ومن ناحية ثانية إذا طبع الجنوب عملته من (قولة تيت) ورمى بكل الكتلة النقدية المستغني عنها في البلد القديم سوف تنهار عملة البلد القديم انهيارا مريعا فاتفق الطرفان على أن يستمر العمل بالعملة القديمة في الجنوب لمدة ستة أشهر حتى تحل محلها عملته الجديدة وتعود الكتلة النقدية الشمالية للخرطوم بالتدريج كما أن الشمال يمكن أن يغير عملته بعد ذلك إذا أراد (لحدي هنا نحن كويسين جدا).
ولكن فجأة وبدون مقدمات أعلنت دولة الجنوب أنها لن تستمر بالعملة الشمالية ولا لشهر واحد إنما لعدة أيام فقط وأنها سوف تطرح عملتها الجديدة في 18 يوليو الجاري أي بعد تسعة أيام فقط من الاستقلال (مش كدا وبس) وأن العملة الجديدة جاهزة في لندن وسوف يبدأ شحنها بعد يومين من الاستقلال يعني أنه في (اليوم العلينا دا ) العملة قد وزعت على كل مدن الجنوب. دون شك القائمين بأمر الاقتصاد من التكنوقراط والمهتمين بأمر الاقتصاد ورجال الأعمال في الشمال وكل الناس البريئين قد وضعوا أيديهم على قلوبهم من قرار دولة الجنوب ولكن بتصريح من رئيس الجمهورية وآخر من وزير المالية ثم من محاقظ بنك السودان وفي مؤتمر صحفي مشهود اتضح لنا أن عملة الشمال الجديدة جاهزة و(مقفلة في الصناديق) وأنه كان متحسبا لخطوة دولة الجنوب وبهذا يكون قد قام بهجمة مرتدة سوف تتضرر منها الدولة الجديدة لأن الكتلة النقدية التي بها سوف تتحول الى ورق إذا لم تتم معالجة وفاقية. إذن ياجماعة الخير هذا يعني وباختصار شديد أن الشمال والجنوب اتفقا اتفاقا علنيا أن يستمر العمل بالعملة القديمة لمدة ستة أشهر وفي نفس الوقت كان الطرفان يطبعان في عملتهما سرا (أها شفتو الثقة دي كيف؟).
إن حرب العملة أعلاه حرب ناعمة ولكنها فاجرة وشرسة وآثارها لا تقل عن الحرب (العديل) ولكن لندع هذا جانبا لأنه معروف للجميع وما نود الوقوف عنده هو أن سوء الظن وعدم الثقة كان ومازال وسيظل ديدن العلاقة بين الدولتين الجارتين اللتين كانتا رتقا وأن هذا السلوك الذي بدأ من هذه المرحلة المبكرة سوف يضيع البلدين والشعبين، بعبارة أخرى إن سياسة تبادل الأذى إذا استمرت سوف تفعل الأفاعيل بالبلدين ببساطة لأن أيا من البلدين مكشوف للآخر. بعبارة ثالثة أي قطر منهما لديه القدرة على أن يلحق الأذى بالآخر كما يقول المثل( ابو القدح بيعرف يعضي رفيقه) فالناظر للسلحفاة من الخارج يظن أنها لن تؤتى نسبة للعباءة العظمية السميكة التي تغطيها ولكن اختها في النوع تعرف من أين تأتيها لأنها تعرف نقطة ضعفها وإن شئت الحداثة قل كعب أخيل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]