عبد اللطيف البوني

القصة ما قصة طرب


القصة ما قصة طرب
يوم الثلاثاء الماضي كتبت في هذا المكان عن نيه أحد المسؤولين (الكبار) في توقيف برنامج أغاني وأغاني الذي تم تسجيله في قناة النيل الأزرق لرمضان القادم (علينا دا)، وقلت إن القانون الحالي يتيح للبرلمان ولرئيس الجمهورية ووزير الإعلام أن يتدخلوا ويوقفوا أي برنامج وهذا بالطبع يدخل في باب (قتل النملة بالمرزبة) إذ يمكن لمدير القناة أن يوقف بث البرنامج ويعطي زمانه لبرنامج آخر بحجة التجديد، يمكن للسر قدور أن يرفض تسجيل حلقات جديدة بحجة أنها غير مجزية من ناحية مادية، يمكن جداً للفنانين الشباب الذين يغنون في البرنامج أن يرفضوا الاشتراك فيه بأي حجة… ولكن كل هذا لم يحدث بدليل أن البرنامج سجلت حلقاته كلها وتم تنظيم إجراءات رعايته فهذا يعني أنه إذا لم يبث أو تم تغيير مواعيده أن تدخلاً سياسياً قد حدث . لهذا قلنا إنه إذا حدث هذا يجب أن تكون الجهة المتدخلة معروفة حتى يوجه الناس كلامهم لها.
القصة ياجماعة الخير ليست قصة برنامج غنائي طال الزمن أم قصر سوف يتوقف إنما قصة (دغمسة ) إدارية واستغلال سلطة لخدمة أمزجة معينة لا بل الأهم من ذلك أنها قصة خضوع لاتجاه ديني متطرف بعيد عن الإعلام يريد أن يفرض رؤيته للأشياء على متخذ القرار في الدولة بحجة أن التوجه المعلن توجه إسلامي بالتالي لابد من أن يخضع متخذ القرار لمن يحتكر الفهم للإسلام (ياحليل الترابي في الحتة دي) فإذا كان ما ذهبنا إليه صحيحاً ينبغي أن يكون نقاشنا مع جماعة الضغط هذه لاسيما أننا قد شهدنا نجاحاً لهذه الجماعة وفي ذات الموضوع ففي أول سنوات الإنقاذ تم تحجيم الغناء في الإذاعة والتليفزيون بصورة رهيبة. ألغيت التسجيلات الجديدة. قلصت ساعات بث الأغاني, لا بل في سابقة فريدة روجعت بعد كلمات الأغاني لتنقيتها من الكلمات التي يعتقد أنها تصادم التوجه الحضاري حتى ولو كانت (خمرة الهوى) قلصت ساعات حفلات المناسبات الخاصة فأي فنان ضبط يغني بعد الحادية عشرة مساء (الله قال بي قولو)، ولكن في عشرتها الثانية اتجهت الإنقاذ اتجاهاً معاكساً من الغناء وعادت الإذاعة و التليفزيون إلى بث الغناء وبكثافة لا بل كاد السموأل خلف الله أن يحول وزارة الثقافة إلى وزارة للغناء كأنما أراد أن يعوض المستمع السوداني عن عشرية الإنقاذ الأولى ويقول لهم إن للإنقاذ موقف آخر من الغناء.
عليه ولكل ما تقدم نقول إنه إذا استطاع ذلك المسؤول تنفيذ قراره وأوقف برنامج أغاني وأغاني في رمضان القادم فإن هذا يعني أن هجمة مرتدة من جماعة العشرية الأولى قد نجحت وأن الإنقاذ قد عادت إلى تشددها القديم ربما تم ذلك بحجة أن انفصال الجنوب قد مهد الطريق للسلفية الفكرية. نقول قولنا هذا ونحن لم نتطرق لحكاية تحريم وتحليل الغناء كما أننا لم نسأل الذين يريدون إيقاف أغاني وأغاني عن بديلهم لهذا البرنامج ولم نسألهم عن مدى استطاعتهم كبح جماح ريموت كنترول المواطن العادي فهذه قصص أخرى فموضوعنا بالأمس عن آلية اتخاذ القرار.. واليوم عن الصراع الفكري الناعم (لحدي الآن) الذي يجري أمام أعيننا.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]