عبد اللطيف البوني

لو كان الفقر رجلا


لو كان الفقر رجلا
الفقر ظاهرة عالمية ومشكلة عالمية في نفس الوقت. الفقر يذل أعناق الرجال و(كمان النساء) والأمم والدول. محاربة الفقر لم تعد موضة إعلامية عالمية إنما هدف من أهداف الأسرة الدولية (الأسرة الدولية ليست بالمعنى المبتذل السائد الآن؛ إنما الأسرة الدولية الخيرة البعيدة عن الأجندة السياسية). الفقر صناعة إنسانية مية المية وتكفي هنا مقولة سيدنا علي رضى الله عنه (ما افتقر فقير إلا بما اغتنى به غني) والله العظيم ياكارل ماركس سيدنا علي دا ما فضل ليك أي شيء.
نحن في السودان نهوى أوطانا هذه واحدة أما الثانية إن رحلنا بعيد نطرى خلانا كما غنى احمد المصطفى، أما الثالثة فهي أننا ندعي محاربة الفقر بينما الواقع أن مجمتعنا وكذلك دولتنا أبعد ما يكونان عن محاربة الفقر ولكن لابد لي هنا من أن أستثني وزارة الرعاية الاجتماعية التي تقوم بدراسات جادة لا ينقصها العمق عن الفقر في السودان، مؤشراته، مظاهره، كيفية قياسه، ثم كيفية محاربته. بالطبع لن تستطيع هذه الوزارة محاربة الفقر لأنها ليست وزارة تنمية ولا وزارة مالية ولا وزارة إيرادية. كل المطوب منها أن تقوم بدور العين البصيرة وحث الأيادي القصيرة لكي تطول الفقر ما أمكن الى ذلك سبيلا. بين يدي الآن كومة من الدراسات التي قامت بها الوزارة عن الحراك المجتمعي وما أنتجه من فقر، دراسة عن التسول،, دارسة عن التشرد,, دراسة عن الباعة المتجولين,, دراسة عن الأطفال الطبيعيين (مجهولي الأبوين),, دراسات سكانية كثيرة وهلم جرا. استوقفتني دراسة مباشرة عن الفقر حيث أمرت الوزارة ديوان الزكاة بأن يقوم بمسح شامل لكل ولايات السودان (السودان الشمالي الجديد) لتحديد عدد الفقراء وبمستويات ثلاثة وبعد أن تم الحصر وباتصالات مكثفة من السيدة الوزيرة بالجهات التي تتخذ القرار من أعلاها الى أدناها تكللت مساعيها بأن جعلت وزارة المالية تمنح راتبا سنويا للأسر التي تعاني من فقر مدقع وحتى لا تسطو الحكومات الولائية (التي تاكل ناقة سيدنا صالح) على مال الفقراء هذا وتحوله لبنود أخرى تقرر أن يكون الصرف من البنك للمستحق مباشرة وعلى حسب علمي أن بعض الولايات قد تمت فيها هذه العملية. تقول الأسطورة الدينية إنه عندما ألقي سيدنا إبراهيم في النار التي جعلها الله له بردا وسلاما جاءت الضفدعة وأخذت تبصق على النار وجاء الضب (خصيم الرب) وأخذ ينفخ في النار بالطبع لاهذا ولا ذاك يمكن أن يكون له أثر على تلك النار وكل إرادات الضفدعة أن تعبر عن حبها وأراد الضب أن يعبر عن كراهيته وهذا ما نقول عنه بلغة حديثة (جهد المقل) فوزارة الرعاية الاجتماعية بعملها قد بذلت جهد المقل فمجرد محاولة حصر الفقراء في البلاد عمل كبير كما أن المبلغ رغم ضآلته فإنه يشعر متلقيه بأن هناك يدا حانية امتدت إليه. هذا وتبقى بعد هذا أن نسأل الله أن تثوب حكومتنا السنية الى رشدها وترتب أولوياتها وتجعل من محاربة الفقر موجها لمجمل سياساتها وفي مناسبة قادمة سوف نحكي لكم إن شاء الله ما قالته السيدة وزيرة الرعاية الاجتماعية أميرة الفاضل عن فقر الجزيرة ومن خلال المؤشرات التي توفرت لديها ومن خلال وزارتها.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]