جعفر عباس

هاشمي صار كين ثم صار «مدام»


هاشمي صار كين ثم صار «مدام»
هاجر سام هاشمي من العراق الى بريطانيا في السبعينيات، وتفرنج وتبرطن بدرجة انه غير اسمه الى تشارلس كين، بعد ان نجح في مجال التجارة والاستثمار، وانتمى الى المجتمع المخملي، وصار ينتقل من بارتي الى أخرى، والبارتي هي ما يسميه عامة الناس غير المتحضرين «حفلة»، وبشاربه المفتول وتقاطيعه الوسيمة ونقوده الكثيرة لم يكن واردا ان يتزوج عراقية غلبانة أو حتى ارستقراطية، بل لم يكن واردا ان يتزوج بريطانية اي كلام، بل تزوج بملكة جمال اسمها ترودي، ورزق منها بطفلين، وكما يحدث في حالات الزواج المصلحي القائم على اعتبارات المظهر والمال فقد انتهت العلاقة بالطلاق، وأحس هاشمي بالرغبة في الانتقام من طليقته ترودي التي طعنته في رجولته فلجأ الى طبيب ليجري له جراحة تكسبه أنوثة كاملة، وحلق هاشمي شاربه العراقي وصار يتناول جرعات كبيرة من هرمونات الانوثة، وخلال ستة اشهر كانت الهرمونات قد فعلت مفعولها وصار هاشمي – كين يعيش كامرأة، ثم قرر ان يسير الى آخر المشوار وخضع لجراحة تم فيها استئصال اعضاء الذكورة وزرع نهدين من السليكون، وصار يلتقط لنفسه الصور وهو شبه عار كامرأة ذات غنج، وكلفه ذلك نحو خمسة وخمسين الف دولار امريكي، ولكنه اصبح مثل بعض المطربين العرب المعاصرين الذين يصعب تصنيفهم كرجال او كنساء، ورغم انه اتخذ لنفسه اسما نسائيا، هو سامنثا، وارتاد الحانات والأندية الليلية بحثا عن بوي فريند، يقتنع به كأنثى، فإنه فشل في ذلك وأصيب بالاحباط!! ماذا يفعل الانسان في وضع كهذا: فقد الاعضاء التي كانت تجعل منه رجلا، وصار له نهدان بارزان بفضل الجراحة التجميلية، وصار جسمه ناعما بعد ان نتف شعر جسمه بالحلاوة في بادئ الأمر ثم بالليزر لاحقا!! وقع هاشمي الذي هو سامنثا في حيص بيص فالانتماء الى جنس النساء لم يعد عليه بأي «مكاسب»، واكتشف ان نساء المجتمع المخملي الذي اندمج فيه لإثبات أنوثته مجتمع سطحي وتافه، فرغم انوثته المكتسبة كان هذا الرجل الأنثى ذا تفكير عملي، وناجحا في جمع المال بدرجة انه اوشك على شراء نادي شفيلد يونايتد لكرة القدم!
وقبل ايام قليلة قرر هاشمي – سامنثا ان يعود رجلا، فكان لا بد من سلسلة من العمليات الجراحية للتخلص من النهدين الاصطناعيين، وإعادة تجميع اعضاء ذكورة جديدة له، وكان له ما اراد ولكن صورته بعد ان ارتد من الانوثة الى الرجولة تشير الى أنه رجل (نُص كُم) أو خنثى مشكل، فقد احتفظ وجهه بالملامح النسائية ولم يعد هناك أثر لشارب او ذقن بعد ان استأصل الليزر بصيلات الشعر تماما وقضى عليها!! والشاهد في هذه الحكاية ان هاشمي هذا يمثل نموذجا كلاسيكيا للشخص الذي يفقد ظله وهويته وثقافته مجاراة للثقافة الغربية التي انتمى اليها بالعافية، فالبعض يكتفي بتقليد الغربيين في قشور المسائل مثل اللبس والشراب والرقص واستخدام عبارات مثل: جيسس كرايست (يا يسوع المسيح) بدلا من «يا رحمن يا رحيم»، ولكن من يتنازل عن الجزء يتنازل حتما عن الكل، وهاشمي تخلى عن اسمه وثقافته وانتهى به الأمر وقد تخلى عن رجولته،.. صحيح انه استردها ولكنه يبقى في نظر الجميع كائنا بلا هوية ولا انتماء! والسؤال الذي يحيرني هو كيف كان طفلاه يناديانه بعد ان صار امرأة تدعى سامنثا؟ بابا؟ ما يصير؟ حتى الأطفال يعرفون ان المرأة لا تكون بابا! ربما «مابا»!! وهكذا أضاع العراقي المتبرطن حتى انتماءه الى عياله فلا هو ابوهم ولا هو خالتهم ولا هو ماما.. بل مجرد مسخ او دمية من الصلصال يعاد تشكيلها من حين الى آخر!!

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]