زهير السراج

الجزيرة والترابي والسودان ..!!


الجزيرة والترابي والسودان ..!!
* اخيرا اكتشفت قناة ( الجزيرة) ان السودان به الكثير من المشاكل والمفاسد والعيوب التى تستوجب الاهتمام والكشف والتعرية، فخصصت جزءا كبيرا من وقتها امس للسودان، استعرضت فيه طبيعة هذه المشاكل ورأي قطاعات كبيرة فى المجتمع فيها، وطريقة التخلص منها، واختتمته بلقاء جميل مع دكتور الترابى من مصر ظهر فيه بشكل جيد عكس ما بدا عليه فى لقاء (منى الشاذلي) في (العاشرة مساء) بقناة ( دريم 2 ) قبل بضعة ايام والذى كان فيه مترددا ومتناقضا مع نفسه، وفشل فى الحديث الصريح عن أفكاره الجديدة بعد انعتاقه من الحكم الشمولي في عام 1999، غير انه في قناة (الجزيرة) كان متماسكا وواثقا من نفسه وأفكاره، وأفصح بشكل جيد عنها وصحح المظهر السيء الذي ظهر به في (دريم) ــ وسأعود لهذا الموضوع لاحقا ان شاء الله، خاصة وأن هنالك من يزعم أن افكار الترابى الجديدة ما هي إلا نوع من (التقية) على طريقة المذهب الشيعي الذى يجيز استخدام فقه (التقية) فى غير حالات الضرورة الشديدة التى يشترطها اهل السنة، ومنها على سبيل المثال حماية النفس من الاذى الشديد او القتل، والمعروف عن الدكتور الترابى تأثره الى حد ما بالمذهب الشيعى فى بعض جوانبه وربما يكون منها الفهم الشيعي لفقه (التقية) !!

* أمس كانت (الجزيرة) فى اروع حالاتها ، وأظهرت الكثير من الحياد فى التعامل مع قضايا السودان، بعد ان كانت فى السابق تبدي تعاطفا واضحا مع النظام السودانى الحاكم، وتسكت عن كثير من أخطائه وخطاياه، بل انها فى العام قبل الماضى خصصت برنامجا استغرق أسبوعا بأكمله للسودان تحت عنوان (عين على السودان) ــ ولا أدري ان كان إعلانا مدفوع القيمة من الحكومة السودانية أم برنامجا عاديا ــ اظهرت فيه السودان ونظامه السياسي والاجتماعي على أفضل ما يكون، وسكتت تماما عن المشاكل والعيوب، وكان معظم الضيوف الذين تحدثوا اليها من أهل الملة الانقاذية والمؤيدين لهم والمطبلين والمنافقين؛ إلا القلة القليلة التى استضافتها على مضض فى محاولة فاشلة لاظهار الحياد، مما اضطرنى الى كتابة سلسلة مقالات انتقدت فيها ذلك الضعف المهني للجزيرة، وعين الرضا التى نظرت بها الى قضايا السودان، وكانت (عن كل عيب كليلة)، فالتقانى احد مسؤوليها الكبار فى الخرطوم مصادفة، وقال لي (خفف عننا شوية) واعتبرتها مداعبة، ولم اسكت حتى أكملت مقالاتي الناقدة عن تعامل الجزيرة المنحاز للحكومة السودانية !!

* غير انها لا بد لى من الاعتراف ــ من باب الانصاف للجزيرة ــ انها كانت فى أحيان قليلة تتعامل مع بعض القضايا بنوع من الحياد خاصة قضايا الحريات العامة، ولى شخصيا عدة تجارب معها عندما أذاعت فى مرات عديدة أنباء اعتقالاتي وتعرضي لظلم النظام، وهى لا تشكر على ذلك؛ فهو واجبها الذى عليها ان تؤديه بأمانة إذا رغبت فى التميز بمهنية رفيعة تجعلها تحوزعلى رضاء واحترام الجميع ..!!

* ارجو ان تكون الجزيرة قد ثابت الى رشدها أخيرا وانتقلت من خانة الانحياز التام للحكومة السودانية الى خانة الحياد وإظهار مشاكل الحكم وشموليته وأخطائه، مثل ما فعلت مع النظام السوري العلوي الذي كانت من أكبر المنحازين له، ثم بدأت تتعامل بموضوعية وحياد معه عندما اكتشفت سوءه وصلفه، فاكتسبت احترام الشعب السوري ، ونتمنى ان يكون ذلك هو تعاملها في المستقبل مع قضايا السودان وشعب السودان ..!!

مناظير
زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email] الاخبار، 31 يوليو 2011