الطاهر ساتي

أبالسة السوق… راقبوهم واحذروهم.!!

(3.5 أبالسة السوق… راقبوهم واحذروهم.!!
** قبل أسابيع، قرأت تحذيراً غريباً بالصحف، أفادت فيه شرطة محلية الخرطوم بأن إحدى شركات الصرافة بالخرطوم فقدت عدد (3 أختام) وأوراق مروسة باسمها، وحذرت الجمهور بعدم التعامل معها..استوقفني التحذير لما به من غرابة، إذ كيف لشركة صرافة – ذات إدارة وحراسة – أن تفقد أختامها وأوراقها؟، ثم كيف يميز المواطن بين الأختام المفقودة وغير المفقودة بحيث يجب عليه أن يتعامل مع غير المفقودة ؟، وهل تسببت تلك الأختام المفقودة في وقوع ضحايا؟، ومن المسؤول وما موقف بنك السودان من حدث هكذا؟..هكذا تساءلت أمام ذاك التحذير، ثم تحركت – شلاقة مني ساكت – نحوه متقفياً منبعه وأطرافه وآثاره وضحاياه، وللأسف لم يخيب التحذير ظني، بحيث وجدت إحدى بؤر الفساد ذات الصلة بالمال العام..!!
** تلك الصرافة – ولن أشهر باسمها رغم أنها فعلت ذلك في تحذيرها ذاك – خاطبها بنك السودان بخطاب فحواه: (عزل مديرها مع إنذار نهائي للصرافة بإلغاء ترخيصها نهائياً في حال تكرار المخالفة).. وبالمناسبة، هناك ست صرافات أخرى عزل بنك السودان مدراءها قبل عام تقريباَ ، لأسباب مختلفة.. المهم، مدير تلك الصرافة نفذ قرار العزل وغادر الصرافة، ولكن ربما متأبطاً تلك الأختام والأوراق أو تاركاً بعض أذرعه بالصرافة ، ولذلك كان ذاك التحذير بعدم التعامل معها.. ولكن ما هي المخالفة؟، هنا مربط فرس الزاوية الذي يهم (المال العام)..تلك الصرافة وغيرها تستلم أموالاً – بالعملة الحرة – من بنك السودان (150 ألف دولار يومياً)، لتصرفها في أوجه صرف محددة، وهي تحويلات الأجانب المقيمين في السودان والسودانيين المسافرين بأغراض العلاج والسياحة و كذلك تحويلات الطلاب الدارسين بالخارج..ولكن تلك الصرافة كانت تحتال على بنك السودان وذلك بتغيير أوجه صرف تلك الأموال، بحيث كانت تصرفها في (مرابحات و مضاربات وسمسرة)، وهذه مخالفة صريحة للوائح بنك السودان وتبديد لأموال المودعين وإهدار للمال العام أيضاً..!!
** كثيرون هم ضحايا تلك الصرافة، أحدهم أودع لدى المدير مبلغ (150 ألف دولار) كمرابحة ولم يجن غير السراب، وآخر أودع مبلغ (320 ألف دولار) ولم يجن غير الخداع، وهكذا حال الضحايا، ومديرها – بعد أن عزله بنك السودان – غادر السودان..والمراجع يفيد بأن مبالغهم لم تدخل خزينة الصرافة وليس لتلك الأموال أي قيد حسابي في حسابات الصرافة، وأن مدير الصرافة لم يستلم تلك الأموال بالنظام المحاسبي الإلكتروني، بل استلمها بـ(مستندات مزورة)، وأن الصرافة – وده المهم – كشركة عامة لاتستطيع إضافة أي مبلغ في رأس المال إلا بطرح الأسهم للجمهور وذلك بعد إخطار بنك السودان وموافقة سوق الأوراق المالية (بالمناسبة حصل شنو في عقد مدير السوق ده؟)..لاشيء طبعاً، كالعادة (كوركنا وسكتنا)، يعني نعمل شنو..المهم تقرير المراجع يؤكد وقوع حالات احتيال وتزوير ونهب أموال الناس بالباطل.. ومع ذلك، جهل الضحايا بالقانون هو الذي (ضيع أموالهم).. فالقانون يمنع الصرافات عن العمل في مجال (المضاربة والمرابحة)، ورغم وضوح المنع هناك من يتعامل معها، بكامل الجهل أو بكامل الطمع، وهؤلاء نماذج..!!
** على كل حال، تلك الصرافة وغيرها مسؤول عنها – رقابياً وفنياً – بنك السودان..وما يحدث فيها يوضح (ضعف المسؤولية)، بحيث لِم لا يختار بنك السودان المدير المناسب الذي لا يزور ولايختلس ولا يخدع المواطن ولا يتلاعب بالمال العام، علماً بأن لبنك السودان سلطة (الموافقة أو رفض) في تعيين مديري الصرافات، ولكن أن يوافق بنك السودان على تعيين مدير ما ثم يعزله بعد (خراب مالطا)، يطرح ذلك سؤالاً من شاكلة: ماهي المعايير التي استندت عليها تلك الموافقة؟..ثانياً، ليست من الرقابة أن يترك بنك السودان لمجالس الإدارات ولإداراتها سلطتي (الإدارة والمراجعة)، إذ لابد من سلطة رقابية تمكن المراجع العام من التواجد في دهاليز هذه الصرافات، خاصة أن الأموال الحرة التي يسلمها بنك السودان للصرافات يومياً هي بمثابة (أموال عامة) ويجب أن تصرف في (أوجه صرف محددة) تخدم طلابنا بالخارج ومرضانا الباحثين عن العلاج بالخارج وغيرهم، وليس (مضاربات المدراء ومرابحاتهم الخاصة)، أي مطلوب مراجعة أوجه صرف (150 ألف دولار يومياً) بواسطة مراجع عام..ثم يجب على المواطن أن يكون يقظاً وملماً بالقانون، لكي لايصبح ضحية لهذه الصرافات، فالمرابحات والمضاربات وغيرها من أنواع الاستثمار – المشروع والربوي – شأن يخص البنوك وليس الصرافات، أي أعلموا بأن القانون لايحمي الغافلين عنه (جهلاً أو طمعاً)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]