عبد اللطيف البوني
رحلة الشيخ
تكتسب زيارة الترابي لمصر أهميتها من إنها حدثت في منخفض سياسي أحدثته ثورة يناير المصرية التي وسعت حرية التعبير لدرجة لم تشهدها مصر ربما في تاريخها القديم والحديث ففي الأوقات السياسية المصرية قبل الثورة تصعب زيارة رجل يمثل الأصولية الإسلامية مثل الترابي لمصر ليس هذا فحسب بل الترابي بصفته السودانية يعتبر من السياسيين غير الموالين لمصر أو على الأقل غير المحبين لها. فالمعلوم أن الترابي زار مصر عام 1986 بصفته زعيماً للجبهة القومية الإسلامية ويومها كانت الجبهة تعارض حكومة الصادق معارضة وصلت درجة الفجور فتطابق موقفها مع مصر وبالتالي تعتبر تلك الزيارة كيدية على طريقة (عدو عدوك صديقك).
زيارة الترابي الحالية لمصر زيارة مفتوحة الأجندة وليس فيها أي مكايدة سياسية لأي جهة من الجهات ولكنها بالطبع مشبعة بالأهداف السياسية من جانب الترابي في شخصه في المقام الأول ثم موقفه السياسي في المقام الثاني فالترابي بالطبع يدرك أهمية مصر الإعلامية وثقلها السياسي فكان لابد له من أن يستغل هذه السانحة ويطرح تجديداته الفكرية الإسلامية مثل إمامة المرأة والدستور الإسلامي والحدود والحساب والعقاب في الآخرة والحور العين وغيرها ولكن يبدو أن هذه البضاعة لم تجد رواجاً في مصر لأن مصر مشبعة من هذه الآراء من فرج فودة إلى حامد أبو النصر مروراً بجمال البنا وعبد الصبور شاهين وغيرهم لذلك نلحظ أن اهتمام الميديا المصرية التي التقت بالترابي كان بمواقفه السياسية.
الحكومة المصرية ليس لديها موقف من زيارة الترابي وليست لها فيها أي أجندة كما كان في زيارته السابقة ولا أظن أن الحكومة السودانية مهتمة كثيراً بتلك الزيارة فما قاله الترابي بشأنها ليس فيه جديد كما أن لقائه بالميرغني وعلي محمود لن ينتج عنه موقف سياسي يذكر وبالتالي حوار الترابي أو شئت قل لقائه مع قادة الحركة الإسلامية في مصر هو الأهم في هذه الزيارة فالترابي لدى الإسلاميين المصريين (عراب كبير) وصاحب تجربة خصبة وقائمة و(طازة).. ومن المؤكد أن هناك لقاءات سرية أو على الأقل غير معلنة مع قادة تلك القيادة . فياترى بماذا نصحهم الترابي ؟ وياخبر بفلوس باكر ببلاش.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]