عبد اللطيف البوني

الظاهرة الباقانية الأمومية

الظاهرة الباقانية الأمومية
باقان او فاقان اموم قائد من قواد دولة جنوب السودان وقبلها كان قائدا من قواد الثورة او إن شئت قل التمرد الجنوبي ليس في هذا شك. باقان دخل السياسة من باب الثورة على حسب المعايير القومية الجنوبية فأبلى فيها بلاءً واضحا بدليل انه تدرج في السلم التنظيمي ووصل أمين عام الحركة الشعبية لتحرير السودان والرجل القوي فيها. كراهية باقان للشمال ودولة الشمال وثقافة الشمال أمر طبيعي إلا لما ثار ضدها. أن يتقدم باقان غيره في التعبير عن تلك الكراهية فهذا أمر يرجع الى قدراته الذاتية التي أهلته ان يكون قائدا، وحدوية باقان من عدمها ليس هذا موضوعنا اليوم لأنه قد سبق السيف العزل وأصبح الجنوب دولة مستقلة وقال باقان (بعضمة لسانه) إنه كان يعمل لمثل هذا اليوم وإن أمنيته قد تحققت وأنه فخور بأن أسهم في ذلك التحرر الكبير. إذن لحدي هنا كويسين وليس من حقنا أن نرفض لباقان ما أراده لنفسه فأي إنسان حر في خياراته فما تبيحه لنفسك يجب أن لا تحرمه على غيرك وإن اختلفت معه. بعد هذا يجب على باقان وغيره من الثوار والآباء المؤسسين لدولة الجنوب ان يلتفتوا الى بناء دولتهم. عليهم إقامة دولة فتية بعد أن خرجوا من زريبة الدولة الفاشلة. فإن كان هدف باقان وهو في حالة الثورة هدم الدولة والثقافة والمنظومة التي يريد الخروج من استعمارها عليهم الآن أن يتحولوا الى البناء فمرحلة الثورة قد انتهت والعدو القديم قد سلمهم دولتهم طوعا او كرها. وأي عداء لذلك العدو القديم ولو كان بنية الثأر يعتبر رجعة للوراء ومجافاة لعملية البناء وتبديد لموارد الدولة الجديدة فيما لا يفيد مواطنيها. على السيد باقان أن لا يسجن نفسه في لحظة الثورة، فالثورة مثل عود الثقاب لن يرجع بعد اشتعاله ولا أظن أن هذا يفوت على قائد في فطنة وذكاء باقان. عليه لابد من بحث عن أسباب تفسر موقف باقان العدائي من الخرطوم او حتى من المؤتمر الوطني الذي ابتدأ من حادثة المنصة يوم الاحتفال بالاستقلال أي سبت السابع من التاسع. هل شعر باقان بفراغ فكري بعد انتهاء مرحلة الثورة مع ضعف موقفه القبلي. إن البطاقة الوحيدة التي يملكها هي عداء الخرطوم؟ هل يشعر باقان بأن الخرطوم لن تتخلى عن مكايدة الجنوب وبالتالي ليس من عدائها بد؟ هل يرى أن قيام دولة الجنوب يستوجب هدم دولة الشمال؟ هل يشعر باقان أن هناك مستضعفين فيما تبقى من السودان عليه واجب تحريرهم (يعني الرجل أممي)؟ هل لدى باقان فواتير لابد له من تسدديها (مخلب قط)؟ الأسئلة تترى لتفسير موقف باقان ومن المؤكد أن باقان ليس وحيدا إنما يمثل موقفا لعدد مقدر من قادة الجنوب ومواطنيه. وبالتالي على دولة السودان أي الشمال القديم أن لا تضيع الوقت في معاداته ومتابعة أخباره وعلاقاته بسلفا, تفرح لعزله وتغضب لعودته فهذا ليس شأنها. عليها أن تضع استراتيجية لعلاقتها مع دولة الجنوب, استراتيجية واضحة تقوم على المصداقية والمنفعة المتبادلة. على دولة السودان أن تكبر وتتسامى فوق الصغائر والتكتيكات وتلعب مع دولة الجنوب دولة لدولة. عليها أن لا تسجن نفسها في مربع باقان. عليها أن تعلم أن باقان ظاهرة جنوبية حقيقية المكايدة تغذيها والصدق في التعامل يلغيها.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]