عبد اللطيف البوني

ووزارة للاغتراب


ووزارة للاغتراب
* عندما ينادي الخبراء بتقليص الوزارت فإنهم يصوبون سهامهم نحو الوزارت التي تقوم بالأعمال التي ينبغي أن تقوم السلطات المحلية , الأعمال التي تحتاج الى تكنوقراط فقط مثل التعليم والصحة والزراعة والإعلام والذي منه وأقصى ما يمكن أن تصل اليه تلك الخدمات من سنام هو وزارة ولائية بينما الجسم التنسيقي على المستوى القومي ينبغي أن يكون مجلسا للتخطيط (كلمة استراتيجي أصبحت منفرة) يضع الرؤية العامة ثم السياسة التي يجب اتباعها ثم خطة العمل وكيفية التنفيذ ومتابعة التنفيذ وتقيد ذلك بقيد زمني كالخطة الربع قرنية والخطة العشرية والخطة الخمسية والذي منه.
* بالمقابل هناك أعمال سيادية لا بد لها من وزارة قومية كالخارجية والداخلية والدفاع وإن كان لابد من وزارة تربية وتعليم وزراعة وصحة اتحادية يجب أن يكون عملها هو التخطيط والتنسيق وليس التنفيذ ولكن في وضعنا الحالي اختلط حابل القومي بنابل الولائي لا بل تدخلت الترضيات السياسية بالمناصب الدستورية فكان ما كان من ترهل وصرف وضياع موارد فخبراء الإدارة يقولون إن العمالة الزائدة أكثر ضررا من نقصانها والتعبير الانجليزي هنا أجمل.
* مناسبة هذه الرمية (المسيخة) أنه في الاسبوع الماضي أقام مركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان (خد نفس) التابع لجهاز تنظيم لشئون السودانيين العاملين بالخارج (خد نفس)التابع لوزارة مجلس الوزراء ملتقى حول اقتصادات الهجرة قدمت في هذا الملتقى العديد من الأوراق بواسطة الخبراء والمختصين بالطبع لا سبيل لاستعراضها هنا ولكن من شوارد ذلك اللقاء أن أحد المتحدثين نادى بوزارة للهجرة او الاغتراب سمها ماشئت وقد بنى ذلك المنادي مناداته ليس على حيثيات قدمه هو إنما من مجمل الأوراق والمناقشات التي تمت تحت سماء قاعة الملتقى.
* تحويلات المغتربين تشكل 5 % من الناتج القومي بينما البترول كان يشكل 8% والآن البترول (راح فيها) وذهب مع دولة جنوب السودان فبالتالي ارتفعت نسبة الاعتماد على تحويلات المغتربين . البرنامج الاسعافي الذي انتهجته الدولة لتلافي خروج عائدات البترول يقوم على أربعة ركائز منها زيادة الصادرات وهذه مسئولية عدة وزارات منها الزراعة الثروة الحيوانية والمعادن الركيزة الثانية تحويلات المغتربين وهذه تصل الى وزارتها بعد (قومة نفس) كما أوردنا. تحويلات المغتربين تقع تحت بند تصدير الخدمات فكيف لايكون لها وزارة؟ لنترك مصر ولبنان وتلك الدول التي لها وزارت هجرة فالنمور الآسيوية هي أفقر بلاد الله من حيث الموارد الطبيعية وقد قامت نهضتها على تصدير الخدمات أي البشر المؤهلين. ويمكن جدا للسودان أن يسلك طريق النمور الاربعة لأنه الأقرب لسوق الخدمات العالمي. العمل من أجل مقابلة سوق الخدمات العالمي يستلزم تطوير المؤسسات المختصة وهذا يؤدي بدوره لتطور داخلي كبير ولو على شكل منتج جانبي بعبارة أخرى الهدف البعيد يخدم الهدف القريب تلقائيا. يبدو لي أن جهاز المغتربين في ظل إدارته الحالية استشعر أهمية هذا الأمر وكأني به يقول إن ما يقوم به من عمل حالي (تأشيرات وتقديرات ضريبية ومتابعة حالات خاصة والذي منه) يمكن أن تقوم به جهات أخرى في الدولة فالمطلوب رؤية أكبر وأوسع فالدوافع والحوافز في غاية الوضوح ولكن من يقنع من؟.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]