رأي ومقالات

بــين المهـــدي والطـرور!!


[JUSTIFY]استشاط البعثيون غضباً لأن السيِّد الصادق المهدي وصف بعضَ مكوِّنات قُوى الإجماع الوطني بـ (الطرور) وذلك في إطار نقده لواقع تحالف قوى الإجماع الوطني الذي يساوي بين (الطرور والصندل) ولا يُنزل الأحزاب الكبيرة منازلها!!
الغريب في الأمر أنَّ أحد أحزاب البعث الأربعة احتجَّ على حديث المهدي بالرغم من أن الرجل لم يذكر حزب البعث باسمه لكن ذلك الحزب الذي يعرف قدر نفسه تصدَّى للإمام واعتبر نفسه معنيّاً بذلك الوصف الاستفزازي بطريقة (الفي بطنو حرقص) أو مقولة (يكاد المريب أن يقول خذوني)؟!
أعجب ما في الأمر أن أحد أحزاب البعث الأربعة التي لا تملأ عضويتُها مجتمعة حافلة واحدة طالب بفصل حزب الأمة من قُوى الإجماع!! يا سبحان الله!! وماذا يتبقى في تحالفكم عندما يخرج حزب الأمة؟!

لقد ظللتُ أعجب من أحزاب البعث التي تروِّج لها بعض الصحف بالرغم من أنها لم تفز بدائرة واحدة في السودان منذ الاستقلال وبالرغم من كل ما فعله ويفعله نظام البعث بالشعب السوري بل بالرغم من أنَّه لا يوجد حزب في الدنيا يعمل ضد المبادئ التي يُفترض أنَّه أنشئ من أجلها مثله!!
حزب البعث (العربي) ظل تابعاً للحركة الشعبيَّة طوال تاريخه الطويل وكان جزءاً من التجمُّع الوطني الديمقراطي قبل نيفاشا ومن قوى الإجماع الوطني بعد توقيع نيفاشا وطوال الفترة الانتقالية وتجمُّع جوبا ثم قوى الإجماع الوطني وهو يعلم تمام العلم أن قرنق وحركته البغيضة ينطويان على مشروع عنصري استئصالي يستهدف كل ما يمتّ إلى العروبة بصلة ناهيك عن الإسلام الذي لم يكن جزءاً من مرجعيَّة حزب البعث العلمانيَّة في يوم من الأيام!!
لطالما كتبنا عن (مشروع السودان الجديد) الذي لو اكتفى البعثيون بما أوردناه عنه لكان كافياً ليتَّخذوا الحركة الشعبية عدواً لدوداً لكنهم لم يقرأوا ما كتبنا كما لم يقرأوا أدبيات الحركة الشعبية وخُطب قرنق التي تنضح بالعنصريَّة والعداء لكلِّ ما يمتّ بصلة إلى اللغة والثقافة العربيَّة التي يعبِّر عنها اسم حزبهم الذي يُفترض أنَّه (عربي)!!

هل تعلمون سر تنكُّر أحزاب البعث للعروبة الواردة في اسم حزبهم بدليل تحالفهم مع عدو العروبة المتمثل في الحركات الإفريقانية العنصرية سواء الحركة الشعبية أو الأحزاب الدارفورية المتمردة؟!
لقد كنتُ ولا أزال أراه سبباً واحداً يتمثل في أن الحزب الشيوعي يجيد اختراق (وإنشاء) الأحزاب والتنظيمات والواجهات التي يكبِّر بها (كومه) ولا يعوِّل كثيراً على الجماهير التي يعلم علم اليقين أنَّها محصَّنة من الانخداع بفكر إلحادي يحارب دينها وهُوِيَّتها خاصَّة بعد أن قذف بالماركسيَّة في مزبلة التاريخ في بلاد المنشأ!!

بيد أن ما أزعجني بحق ليس تصريح المهدي الذي انتقد فيه هيكليَّة التجمُّع التي تمنح أحزاب البعث (الصفرية) أربعة مواقع بينما تُعطي حزب الأمة بكل ثقله وتاريخه موقعاً واحداً بل وتنصِّب أبا عيسى رئيساً على المهدي والترابي في غفلة من الزمان.. ما أزعجني بحق قوله (إن هناك اصطفافاً في الخرطوم وجوبا بين عناصر سياسية في السلطة.. صقور ودعاة حرب في الخرطوم وكذلك هناك عناصر مماثلة في جوبا) ثم قال: (هناك مدرستان في الخرطوم وجوبا مدرسة الحرب ومدرسة السلام.. نحن مع مدرسة السلام على طول الخط)!!
كلام كثير قاله وكأنه ينتمي إلى بلد آخر محايد غير السودان!!

عزيزي الصادق المهدي.. هل عندما كنتَ رئيساً للوزراء قبل الإنقاذ كنتَ تقف موقفاً محايداً أم كنتَ تساند قواتك المسلحة ضد قرنق وجيشه الشعبي ثم هل لو آلت لك الأمور الآن هل ستقف مكتوف الأيدي وتترك قوات الجيش الشعبي تدخل هجليج وقوات قطاع الشمال تعتدي على أرض السودان في جنوب كردفان والنيل الأزرق أم أنك ستنحاز إلى قواتك المسلحة وتذود عن أرضك ووطنك؟!
لسنا دعاة حرب أيها الإمام لكنا دعاة تحرير لأرضنا ومن الخيانة الوطنية أن يقف أي مواطن سوداني، ناهيك عن الزعماء، على الحياد وأرضه محتلة والدولة المحتلة تتحرَّش بترابه ودينه وهُويَّته بل وتحمل مشروعاً احتلالياً تُصرُّ على تبنيه وتسمي حزبها الحاكم الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان إمعاناً في التحرُّش وإصراراً على الاستهداف.

الطيب مصطفى
صحيفة الانتباهة [/JUSTIFY]