الطاهر ساتي
(البوت والسيف في السودان ) … كتاب تحت الطبع ..!!
** تلك أيام خلت، وكنت أظنها لن تعود .. ولكن ولاية الجزيرة، بفضل واليها الدباب، أعادت تلك الأيام ببعض تفاصيلها، مطلع هذا الأسبوع..تابعت الإعلانات التي ملأت بها حكومة الجزيرة صحف الخرطوم، بحيث ظلت تبشر الناس على مدار الأسبوعين بقرب موعد افتتاح بعض المشاريع التنموية، وهي مشاريع – لمن تابع إعلانتها الكثيفة- تحمل من المفارقات ما تستدعي طرح سؤال من شاكلة : (أهكذا تدار أمور الناس في ولاية الجزيرة؟) .. على سبيل المثال ( مدارس إنشائية بـ” 500 مليون جنيه” .. ولكن الشرطة المجتمعية بـ”850 مليون جنيه” ) .. وكذلك (مزارع البيوت المحمية بـ”1.2 مليار جنيه ” .. ولكن عزة السودان بـ” 5 مليارات من الجنيهات “) .. ثم ، على سبيل المثال أيضاً (مركز الأبحاث الجولوجية بـ “400 مليون جنيه”..ولكن حاجة كده اسمها برامج دعوية متنوعة بـ”500 مليون جنيه ) .. وهكذا تكشف المشاريع جدواها وميزانياتها، بحيث التي لاتحظى بالجدوى هي تلك التي تحظى بالصرف عليها صرف من لايخشى الفقر، أما ذوات الجدوى فلا تحظى بغير (عطية مزين ).. مشروع برامج دعوية متنوعة – أم خمسمية مليون جنيه – وهو يتوسط تلك المشاريع يذكرني بالبند المسمى بـ(منصرفات أخرى أو غير مرئية)..وهناك أشياء أخرى غريبة بصفحة المشروعات التنموية، منها (برنامج الراعي والرعية)، بحيث يخرج المسؤول مصطحباً وفداً صحفياً – والناس نيام – ويزور بعض المساكين والفقراء، لتصدر صحف الفجر بصوره وهو يمد يد المساعدة للفقراء والمساكين، أو هكذا ينفقون بيمناهم دون أن تراهم يسراهم، فقط يراهم كل أهل الدنيا والعالمين مع (أول الصباح) .. المهم، هذا البرنامج أصبح مشروعاً تنموياً بولاية الجزيرة، حسب إعلانهم ..!!
** على كل حال..في حفل افتتاح تلك المشاريع وغيرها، كان والي الجزيرة يرتدي زياً قومياً كاملاً ثم (بوت عسكري)، أو كما رصده قلم وكاميرا الأخ ضياء الدين بلال.. وفي تقديري ليس في الأمر مايدهش، فالوالي الدباب كان يحرص أن يحضر بعض جلسات مجلس الوزراء بالخرطوم بكامل الزي العسكري، و أن يتخلى عن الزي ويكتفي بالبوت فقط فهذا (تطور مذهل) يعكس بأن والي الجزيرة بدأ يتفهم قضايا أهل ولايته..إذ هم ليسوا بحاجة إلى صناديق ذخيرة ولا مدافع وراجمات ليقاتلوا بها سكان الولايات المجاورة (سنار والخرطوم والقضارف والنيل الأبيض)، ولكنهم بحاجة إلى مبيدات يكافحون بها (الملاريا والبلهارسيا)، ولذلك خاطبهم واليهم مرتدياً الزي القومي ..أما (البوت والسيف) الوارد ذكرهما في ثنايا الحدث، فهو بمثابة خطاب رئيس محليتنا ذاك، أي حتى لايشغل أهل الجزيرة واليهم وحكومتنا الاتحادية بقضاياهم الانصرافية التي من شاكلة مشروع الجزيرة وغيره ..ولذلك ننصح من يهمهم الأمر بقول فحواه : كتاب (البوت والسيف في السودان)، لم يعد مثيراً ولا مشوقاً، حتى ولو أعيدت طباعته بـ (طبعة منقحة ) .. !!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]