منوعات

الصحافة السودانية .. ومواثيق الشرف الصحفي

تعتبر مواثيق الشرف الصحفي بمثابة التزام أخلاقي من مجتمع الصحفيين بالإنحياز الي قيم المهنة والمحافظة علي موروثاتها الأخلاقية . وهذه المواثيق المهنية عرفتها الصحافة منذ فجر نشأتها .
ونحن هنا في السودان عرفنا المواثيق المهنية اذ يبلغ عدد الإتحادات المهنية في السودان 15 إتحاداً لديها مواثيقها مثل الأطباء ، والصيادلة ، والمحامون ، والمحاسبون ، والصحفيون … الخ .
وقد اهتمت القوانين المتعلقة بالصحافة في السودان بموضوع الالتزام الأخلاقي للممارسين لمهنة الصحافة ونجد أن قانون الصحافة والمطبوعات نص صراحة علي ميثاق الشرف الصحفي الذي ظل يعده الإتحاد العام للصحفيين السودانيين منذ عام 1993 وحتي الآن وتنص المادة (26) أ الفقرة (ز) هي تتحدث عن واجبات الصحفي , ” أن يلتزم الصحفي بقيم السلوك المهني وقواعده المتضمنة في ميثاق الشرف الصحفي المعتمد من قبل الإتحاد العام للصحفيين السودانيين ” .
وظل المجلس القومي للصحافة والمحاكم السودانية يطبقان أحكام هذا الميثاق ويبرزان مضامينه في احايين كثيرة عند تناول قضايا ذات صلة بالنشر الصحفي .
وقد انشأ الإتحاد العام للصحفيين السودانيين بموجب نظامه الأساسي وبموجب قانون الصحافة وبموجب مبادرة الصحافة الأخلاقية التي اطلقها الإتحاد الدولي للصحفيين أنشأ لجنة لمساءلة ومحاسبة الصحفيين عند الخروج علي ميثاق الشرف الصحفي . وتمت مساءلة عدد من الصحفيين بموجب الميثاق وقانون الصحافة والمطبوعات. وتتضمن أحكام الميثاق عدم تعريض الصحافي لأي فعل يؤثر علي ادائه ونزاهته وحماية مصادر معلوماته واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية حقوق الصحفي وحصانته . وان يلتزم الصحفي بالصدق والنزاهة وعدم نشر المعلومات المتعلقة بأمن الوطن وتحرك القوات المسلحة إلا من المصادر المخولة لها ذلك , والإلتزام بعدم الإثارة او المبالغة في عرض إثارة القضايا الدينية ، وعدم تلقي أموال من جهات أجنبية من شأنها التأثير علي عدالته .
إن ميثاق الشرف الصحفي هو الوثيقة التي تراضي عليها رؤساء تحرير الصحف السودانية والتي أكدت أيضا علي جملة من المعاني والقيم المهنية . وهو ميثاق جاء بعد حوار بين الحكومة والصحافة ونص هذا الميثاق الموقع في سبتمبر 2009م علي إلتزام كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وعدم إثارة الكراهية الدينية او العنصرية في الحصول علي المعلومات . الإلتزام بعدم تشجيع العنف والخروج علي القانون وعدم اتهام المواطنين من غير سند واحترام خصوصية الأفراد والحفاظ علي كرامة المهنة وأسرارها والتضامن مع الصحفيين دفاعا عن مصالحهم . وفي مقابل ذلك أكدت الوثيقة علي ضرورة أن تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخري.
وفي سبيل تعزيز مفاهيم ميثاق الشرف الصحفي بالسودان ومواكبة للتطورات السياسية في السودان أصدر الإتحاد العام للصحفيين السودانيين واتحاد الصحفيين الدولي بعد أن عقدا ورشة تدريبية للصحفيين حول الانتخابات أصدار ( مدونة سلوك الصحفيين ) من أجل تغطية أخلاقية لأخبار الإنتخابات. ودعت هذه المدونة الي تمسك الصحفيين بجملة من القيم المهنية منها : ـ
الإجتهاد من أجل توصيل الحقيقة للمواطن مع توفير تغطية تهدف لتزويد المواطن بالمعلومات من أجل أن يمارس المواطن حقه في الأنتخاب ومن أجل أن يعرف ما يدور فيها.
كما دعت المدونة الصحفيين للتمسك بالاستقلالية والعدالة وإعطاء الفرص المتساوية للمرشحين وتحاشي التغطية الصحفية الي تحرض علي الكراهية والعنف علي خلفية عرقية او ثقافية أو دينية او أي تمايزات أخري .
وكفلت الضوابط المهنية التي وضعتها مفوضية الإنتخابات وفق قانون الإنتخابات من احكام الإنتخابات الماضية لعام 2010م كمعالجة أخلاقية جملة من الموجهات منها ضمان مشاركة المرشحين في إستخدام وسائل الإعلام العامة علي أساس المساواة وتكافؤ الفرص , وإستخدام وسائل الإتصال الإعلامية بكافة أشكالها والإستفادة منها لأغراض الحملات الإنتخابية , وقد أدت كل هذه الجهود وقتها الي أن تخرج تلك الإنتخابات بصورة رضي عنها قطاع كبير في العالم .
وأعتبرت المادة (98) من قانون الإنتخابات الحالي أي جهة إعلامية مرتكبة لمخالفة انتخابية في حالة عدم إعلام القراء بأن المادة التي تقوم بنشرها مدفوعة القيمة وأن أي جهاز إعلامي مملوكاً للدولة يعد مرتكباً لمخالفة انتخابية في حالة عدم منح المرشحين مساحات متساوية .
ولعبت الصحافة السودانية واجهزة الإعلام السوداني دوراً مؤثراً وايجابياً في مرحلة الإنتقال واثناء مراحل العملية الإنتخابية المختلفة الماضية . وان هذه الوسائل بما فيها الصحافة ادت دوراً مهنياً ووطنياً كبيراً وان انجاح الانتخابات الماضية يصب في رصيد هذه الاجهزة الصحفية المختلفة . ولا تزال الصحافة السودانية تلعب هذا الدور رغم ما يعتريها من مشكلات متعلقة بالتكلفة العالية لعملية الانتاج الصحفي خاصة الورق والأحبار وغيرها , كما توجد مشكلة تتعلق بالتوزيع وضعف الضخ الخارجي ، وعدم استقرار العمل المؤسسي وإستعجال الارباح من بعض الناشرين ووجود ناشرين لا صلة لهم بمجالات العمل الصحفى او مجالات النشر والإبداع . كذلك توجد مشكلات عالمية متعلقة بالأزمة المالية العالمية وأثرها الواضح علي الصحافة في العالم وفي السودان .
ولا ننكر أن الصحافة السودانية وهي تؤدي هذه الرسالة حدثت بها تجاوزات لميثاق الشرف الصحفي وهناك تجاوز لمواثيق المهنة من بعض الصحفيين العاملين في مجال الصحافة الرياضية والاجتماعية وحتى السياسية جعلت المجلس القومي الصحافة يتخذ بعض التدابير للحد من هذه الظاهرة . وعلي الجميع الإلتزام بمواثيق المهنة الصحفية حتى تحقق الصحافة السودانية خطوات جديدة الي الأمام .

الفاتح السيد
اتحاد الصحفيين السودانيين

سونا