الهلال والرجاء والمرتجى
وجاءت المباراة أقل من طموح القاعدة الهلالية التي إمتلأ بها استاد الهلال وتجاوز عددها الثلاثين ألف متفرج، والتي تدافعت منذ وقت مبكر الى الملعب، لكنها خرجت متحفظة على الاداء وسعيدة بالنقاط الثلاث.
الهلال كان هو الفريق الأفضل نسبيا، حيث فرض أسلوبه على الرجاء وسيطر على الكرة وحاول غزو مرمى الرجاء الذي لم يجد خيارا غير التراجع الى المنطقة الدفاعية لحماية مرماه، وكعادة الفرق السودانية التي يغيب عنها التركيز في الثلث الأخير من الملعب أهدر لاعبو الهلال سادومبا وبكري، عدة سوانح كانت كفيلة بتأمين الموقف.
وفي الشوط الثاني عاد الهلال اكثر اصرارا على النصر فكثف من طلعاته الهجومية مع تراجع الفريق المغربي الذي وضح جليا تخطيطه للتعادل بتركيزه على حماية المرمى واعتماده على الهجمات المرتدة، حتى نجح الهلال وبعد ضغط متصل في الاستفادة من ركلة الجزاء التي احتسبها الحكم بعد أن لامست الكرة يد المدافع ليحرز منها (سادومبا) الهدف الوحيد في المباراة ليصبح على رأس قائمة هدافي البطولة.
ورغم أن الهلال خرج من المباراة فائزا بهدف، لكنه بمعيار الرصيد الذي سيواجه به المباراة القادمة يعتبر هذا الهدف ليس مطمئنا، وبالتالي سيدخل الهلال مباراته القادمة بنوع من التوجس والرهبة الطبيعية التي تنتاب الفرق في أرض الخصم وهي تدخل بأفضلية هدف وحيد قابل للتعويض.
هذا الأمر يقتضي على مدرب الهلال أن يشرع من الآن بوضع إستراتيجيته للمباراة القادمة، والتي تحتاج الى قدر عال من التكتيك وسد الثغرات والتعامل مع المساحات بشكل متوازن، خاصة وأن لاعبي الرجاء البيضاوي يتميزون ببنيان جسماني قوي يجعل الإحتكاك والتلاحم معهم ليس مجديا، مثلما أن الكرات الطويلة المرسلة أيضا لن تجدي نفعا.
وحتى يستطيع الهلال أن يكسب نتيجة المباراة القادمة، علية بأن يلعب بخطة متوازنة يركز فيها على الكثافة العددية في وسط الملعب، ليستعين بهذه الكثافة للربط المحكم بين خطي الدفاع والهجوم عند الحركة هجوما ودفاعا، على أن يكون في المقدمة لاعبين يمتازون بالسرعة المطلوبة لفك الحصار والعودة السريعة، خاصة وأن الرجاء سيفرض حصارا وضغطا على الهلال، كما يمكن للهلال الجنوح لطرفي الملعب لتمكين لاعبي الوسط من التقدم وتشكيل جبهة ضاغطة أثناء إستلام الكرة والعودة لأماكنهم أثناء فقدانهم لها، ولربما العودة للدفاع أن تطلب الأمر ذلك.
ورغم تأكيدات مدرب الهلال بأنه لعب مباراته السابقة للنتيجة ونالها، لكن هذا الإسلوب لا يصلح لأن يكون عنوانا لفريق ينشد إحراز البطولة، لأن البطولات تتطلب قدرا هائلا من التكتيك والتكنيك والجاهزية الأدائية للفريق، وبالتالي يستطيع الفريق إجراء عمليات الإحلال والإبدال داخليا ليحقق الديمومة والإستمرار في المنافسة بذات القوة الدافعة.
لكن من المؤكد أن الرجاء لن يلعب على أرضه بذات الطريقة الأدائية التي لعب بها بالخرطوم، إذ أنه سيُشهر كل أسلحته ولن يخبيء منها شيئا، وستكون مباراة مفتوحة، خاصة وأن المسافة بينه وبين العودة للمبارة هدف واحد سيقاتل من أجل بلوغه بشتى السبل المتاحة والأساليب المشروعة وغيرها.
وسيواجه الهلال في مباراة الرد حربا نفسية ضروس، وربما تبدأ بمعاملة غير كريمة وإستفزازية، رغم الإشادة التي لقيها الهلال عند مقدم الرجاء للخرطوم، لكن الشواهد تدلل على أن أهل شمال أفريقيا إنطباعيون ولا يعيرون التاريخ إلتفاتا.
ويعاب على الهلال بصفة أساسية الضعف الواضح في اللياقة البدنية التي جعلت اللقاء الأول ضعيفا من الناحية الفنية، كما يلاحظ غياب الأداء التكتيكي الممرحل، والبطء الشديد في الحركة وعدم التركيز في الثلث الأخير من الملعب، علاوة على الأخطاء الكثيرة في التمرير والإستلام، الى جانب العيب الدفاعي في التمركز عند المرمى عند الكرات المعكوسة داخل منطقة الجزاء والتي بسببها تفقد فرقنا المبارايات دائما.
كما نذكر الهلال أن الرجاء كان قد إفتقد جهود بعض لاعبية في مبارة الخرطوم، الى جانب المشكلات الكثيرة التي تعصف بالنادي حينها، والتي ربما لن تكون كما كانت عند المباراة السابقة مما يقتضي على الهلال أن يعد العدة لمباراة رد إعتبار من المعيار الثقيل، سيكون فيها قدر كبير من السجال، وأن يدرك أن إنتهاء شوط المبارة في الخرطوم بهدف، لا يعني الركون، بل يحتاج الأمر الى جهد كبير وعمل مضن مع تركيز عال، ليفوز الهلال أو يتعادل سلبيا في أضعف الإحتمالات.
وليدرك السيد (ميشو) أن فرق البطولات لا تلعب مبارياتها بصورة تجارية تستهدف منها النقاط، بل تلعب الكرة الشاملة التي تؤكد جدارتها بهذه النقاط لأن الأسلوب التجاري يعني (المخاطرة) والمخاطرة تدور بين الكسب والخسارة.
صحيح أن أنديتنا أندية بلا جذور، بمعنى أنها غير مرتكزة على قاعدة سنية، وأن أحلامنا في الكؤوس أحلام قافزة وجانحة، لكن دعونا نحلم طالما أن الحُلم شأن مشروع، لكن يجب أن لا تُسكرنا الإنتصارت عن قول الحقيقة حتى لو كانت مُرة.
فهل يستطيع السيد (ميشو) وهو يضع نصف فكره في الدوري الممتاز والنصف الآخر مع المنافسات الأفريقية أن يعدّل المسيرة والمسار وأن يعيد ترتيب الأوراق من جديد أم أنه سيظل يلعب المبارايات (بالقطاعي) وبأنفاس متقطعه؟.
التهنئة لكل الرياضيين والقراء الأكارم بحلول شهر القرآن، وكل عام وأنتم بخير.
——————-ملء السنابل تنحني بتواضع .. والفارغات رؤوسهن شوامخ
——————-
صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو )
[email]shococo@hotmail.com[/email]