مطلوب عقول جديدة، وليست قوانين جديدة …!!
** تلك من لطائف أم در.. تذكرتها عندما وجدت فتحي شيلا، رئيس لجنة الاعلام والاتصالات بالبرلمان، يصرح لصحف البارحة بالنص القائل : ( نحن بصدد وضع قانون جديد للصحافة، يحمي حقوق الصحفيين والقارئ والمجتمع، وينظم المهنة، ويخلق صحافة محترمة)، أوهكذا حديثه الذي قابلته بصياح كذاك : ( لا لا لا، عليك الله خلي القانون ده زي ما هو)، ثم واصلت الصياح بذات الطريقة المذكورة أعلاها : ( نحن جينا شكينا ليك من قانون الصحافة ؟..قلنا ليك القانون ده ما بيحمي حقوقنا؟، قلنا ليك القانون ده ما بيحمي حقوق القارئ؟، قلنا ليك القانون ده ما بيحمي المجتمع؟، قلنا ليك القانون ده ما بينظم المهنة؟، قلنا ليك القانون ده ما بيخلق صحافة محترمة ؟)، ثم ختمت تساؤلاتي الصارخة بتلك الطريقة أيضا : ( طيب مغيرين نصوصو ليه ؟.. يلا لو عندكم شغلة تانية إقضوها )..نعم أيها الأفاضل، ليس هناك أي نص بقانون الصحافة يقيد حرية الصحافة، وكذلك به أكثر من نص يحمي حقوق الصحفي ومصادره، ثم القانون يضج بنصوص تحمي حقوق القارئ والمجتمع بواسطة مجلس الصحافة والمحاكم، وكل نصوص القانون هي المسودة التي يجب أن تنظم مهنة الصحافة، وعليه نسأل رئيس لجنة الاعلام بالبرلمان بمنتهى البراءة : ( أها القانون ده مالو؟.. كدي عيبو لي )، ولن يجد من الإجابات ما تعيب القانون الحالي..!!
** يا عالم كفى لعبا وتلاعبا بعقولنا..فالعيب ليس في قانون الصحافة، ولا في أي قانون آخر، ولكن العيب كل العيب في عدم تنفيذ هذا القانون وغيره، وفي عدم احترامه و في تمزيق نصوصه وروحه آناء الليل وأطراف النهارفي انتهاك سافر وصارخ لكل قيم العدل والعدالة..هذه الحكومة أفضل من تصيغ القوانين أيها الأفاضل، وقانون الصحافة نموذج، ولكن مراكز قواها هي أفضل من تنتهك القوانين، بما فيها قانون الصحافة..على سبيل المثال، ليس هناك أي نص بقانون الصحافة يمنح لأية جهة بالدولة حق مصادرة الصحف من المطابع ليلا بعد طبعاتها، ليتكبد الناشر الخسائر المادية والصحفيين الخسائر المعنوية.. ليس هناك أي نص بالقانون الحالي يقر بذاك الإنتهاك، ولكن هذا ماحدث لصحيفة الأحداث البارحة وأول البارحة، وقبلها هذا ماحدث لصحيفة الوطن أيضا قبل اسبوع ونيف، ثم دع عنكم ما يحدث للميدان شهريا أو كل نصف شهر، وهنا نسأل فتحي شيلا – وغيره – سؤالا من شاكلة : ( في حدث كهذا، هل العيب في القانون، أم في عدم احترام القانون؟)..ذاك نموذج، ونموذج آخر ما حدث لزميلنا أبو القاسم ابراهيم قبل شهرين، اقتادوه من وزارة المالية الي مستشفى فضيل لزيارة مريض ثم الى احدى السلطات المختصة لمعرفة اجابة سؤال ( انت الوثيقة دي جبتها من وين ؟)، ولحسن حظ ابو القاسم أن الذي اقتاده لم يكن مرتبطا بمناسبة عزاء في في قلع النحل أو عرس في وادي حلفا، وإلا لصار حاله – وسط الصيوان – كحال عادل امام في فيلم (أحنا بتوع الأتوبيس )، أي ( ياجماعة أنا ما منكم ولا بعرفكم..أحنا بتوع عقد مدير سوق الأوراق المالية )..ويحدث ما يحدث رغم أنف النص القانوني الذي يحمي الصحفي ومصادره ..!!
** والنماذج كثيرة، وكلها إنتهاكات تنتهك القانون الحالي المبرأ من كل عيب، ومع ذلك يغضون الطرف عن الانتهاك ويشغلون الناس والاعلام – بين الحين والاخر – باسطوانة ( عاوزين نعمل قانون جديد)..البلاد مصابة بداء التخمة من كثرة القوانين( الجديدة والمعدلة والمصلحة والمفلطحة و..)، وكلها قوانين تبدوا كما الأواني الإيطالية والاثاثات الماليزية في منزل إمرأة خرقاء لاتتقن حفظها وصونها واستخدامها واحترمها..وهكذا أحوال – وأهوال – الصحافة في بلادي، جزء من الكل البائس، أي هي ليست بحاجة الي قوانين جديدة، ولكنها بحاجة الي نهج جديد وعقول جديدة وطرائق تفكير جديدة تحترم القوانين، قديمة كانت او جديدة ..ما قيمة القوانين – اسلامية كانت او وضعية – في زمان ومكان فيهما مراكز القوى الفاسدة والشمولية لاتقدس إلا ( قانون الغابة )..؟؟
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]