{ وإذا كان المئات من الإثيوبيين والإثيوبيات يعبرون حدود السودان كل أسبوع، فتضبط بعضهم السلطات المختصة، ويتم الحكم بحبسهم أسبوعاً أو اثنين لتتكفل بإيوائهم وإطعامهم إدارة السجون (التحية لها ولمديرة سجن النساء على وجه الخصوص المقدم “عفراء”)، فما فائدة إبعادهم إذا كانوا يعودون مرة أخرى بعد يومين؟! يا خسارة الجاز والدفارات.. وتكلفة الطعام بأقسام الشرطة وحراسات السجون!!
{ يبدو واضحاً أن عملية (الإبعاد) لا تتم وفق الإجراءات (الدولية) المتبعة في مثل هذه الحالات، بتسليم المبعدين إلى سلطات بلادهم بضوابط محددة تمنع عودتهم.
{ وفي كل الأحوال، يجب أن نعترف بأن الغالبية العظمى من إخواننا وأخواتنا (الأحباش) الموجودين بمدن السودان المختلفة، جاءوا بـ (التهريب) عبر الحدود، وقلة قليلة جداً وصلت عبر مطار الخرطوم الدولي على متن الخطوط الإثيوبية!! ولهذا يبدو مضحكاً قول الضابط المسؤول لصديقي – صاحب الرواية أعلاه – إن الفتاة “أببا” (جاءت تهريب)!! قالها وكأنه كشف سراً خطيراً!!
(ويعني ح تكون جات بالطيارة يا سيادتك؟! ما كلهم المالين البلد دي جوا بالتهريب.. الجديد شنو؟!)
{ السؤال المهم: كم (تاجراً) من عصابات تهريب البشر، سودانياً أو إثيوبياً، تم القبض عليهم ومحاكمتهم بتهمة الاتجار في البشر؟!
{ نسمع ونقرأ دائماً عن (ضبط أجانب) حاولوا التسلل، أو تسللوا إلى السودان عبر الحدود، ولكننا لم نسمع ولم نقرأ عن ضبط ومحاكمة (مهربين) بأرقام تتناسب والمئات من (ضحايا) التهريب المضبوطين وغير المضبوطين.
{ لقد تعوّد أفراد (العصابات) أن يهربوا تاركين وراءهم في الخلاء الموحش فتيات جائعات بائسات، قدمن إلى بلادنا وفي رؤوسهن أحلام الرفاهية والرزق الوفير.
{ نحن في حاجة إلى أن ندرس حجم حاجتنا إلى العمالة الإثيوبية، في المنازل والمطاعم والمزارع (موسم الحصاد الأخير في القضارف أنجزه عمال إثيوبيون عندما فر آلاف الشبان من كل الولايات إلى مناطق تعدين الذهب)!!
{ ويجب أن نعترف أيضاً بأننا في حاجة ماسة إلى (طاقات) أشقائنا في إثيوبيا.. إلى خدماتهم الجليلة في كافة القطاعات، التي يقدمونها بتفان وجدية وإخلاص، متى ما أحسنّا توظيفهم ومعاملتهم. ولكننا في حاجة أيضاً إلى (تقنين) أوضاعهم وإعادة توزيعهم بما فيه فائدة الإنتاج وتقدم عجلة الاقتصاد في بلادنا.
{ لا تركبوا موجة (معاداة الأحباش) على وزن (معاداة السامية)!!
صحيفة المجهر السياسي