عبد اللطيف البوني

المطر والرفث


المطر والرفث
من زمن وانا ابحث عن خبر سعيد على الصعيد القومي لا بل اكاد اجزم انني لا اتذكر متى سمعت خبرا مفرحا على الصعيد العام الامر الذي اثر حتى على صعيدنا الخاص فالكدر اصبح هو المسيطر علينا اذ لانه لايعقل ان تكون لديك افراح خاصة في محيط عام من الاحباط ولكن مؤخرا من الله علينا بما يفرح وهو ارتفاع معدل الامطار في شهر اغسطس الجاري في مناطق الزراعة في السودان لعل سبب الفرح الذي كسانا هو ان الامطار هذا العام قد تاخرت وكان معدلها في يوليو المنصرم متدنيا جدا لدرجة اننا وضعنا ايدينا على قلوبنا لاسيما وان المجاعة قد بدات تسري في القرن الافريقي سريان النار في الهشيم لدرجة ان رجب طيب اوردغان الذي زار الصومال برفقة زوجته التي بكت وابكت من شاهدها وانطبق عليها قول الشاعر (تبكي تبكي كل الشافا) وبالمناسبة تركيا اصبحت سيدة الشرق الاوسط دون منازع ولا عزاء للقاهرة والرياض ومدن تانية حامياني وهذة قصة اخرى
سعادتي بالامطار جعلتني استدعي ابيات الدوبيت الشهيرة لشاعرنا الاشهر الحاردلو شاعر البطانة العظيم والتي تقول :—
الخبر الاكيد قالوا البطانة اترشت
سارية تبقبق للصباح ما انفشت
هاج فحل ام صريصر والمنايح بشت
وبت ام ساق على حدب الفريق اتعشت
فشاعرنا قد اسعدته الاخبار بهطول الامطار عند اهله في البطانة وتخيل السعادة في الوجوه والخضرة التي كست الارض لدرجة ان ناقته (بت ام ساق) تناولت وجبتها من طرف الفريق ولم تحتاج لهجرة من اجل الكلا ولكن البيت الابلغ في المربع اعلاه هو (هاج فحل ام صريصر…) فام صريصر حشرة خريفية صغيرة من شدة فرحها بالمطر ان فحلها قد تهيج فالمطر يرفع الخصوبة والرغبة في الجنس حتى لدى الحشرات فما بالك ببني ادم فالواضح ان الشاعر خلع التهيج الادمي على ام صريصر التي هاج فحلها واظهرت الشبق انثاه (المنايح بشت) وما ذهبنا اليه يدعمه بيت الدوبيت الشهير لذات الحاردلو
الشم خوخت وبردن ليالي الحرة
والبراق برق من منه جاب القره
شوف عيني الصقير بجناحه كفت الفره
تلقاها ام خدود الليلة رقدت بره
فالطقس الخريفي البديع يزيد حراك كل الكائنات الحية فالصقر يكفت الفره وهي طائر من فئة العصافير وام خدود لم تنم بالداخل انما خرجت للرقاد في الهواء الطلق اذن ياجماعة الخير فالخريف وجداوه الاقتصادية لايحتاج الي درس عصر او كثير كلام فهو اكسير الحياة وبدونه سوف تنقرض ولكن الحاردلو اضاف لنا انه لايخصب الحياة بصفة عامة فقط انما يرفع معدلات الخصوبة في الانسان والحيوان والحشرات ولعل هذا يذكرنا بالقصة المعروفة (جو جو فول) التي اخرجت من سياقها الاصلي واتجهت نحو قدرة الفول فالقصة الاصلية تؤكد ان الطقس الخريفي المنعش حيث (القره) بكسر القاف وهي نوبة البرد التي بعثت الهيجان وانا ما بفسر وانت ما تقصر
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]