رأي ومقالات

«سحارة» النائب الاول.. لا تخلو من المفاجآت


[JUSTIFY]«الصمت سيد الإجابات» عبارة انتهجها النائب الاول لرئيس الجمهورية طوال فترة عراكه مع السياسة منتهجاً خط «إن في الصمت كلاماً» فحين قمت بعمل بروفايل عن النائب الأول عام 2008م لم أجد من يخبرني بأن الصمت لديه شيء اكتسبه مع ظهور الشيب، فكل من عرفه بدأ من أشقائه بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مروراً بأساتذته في كلية القانون وانتهاءً بشيخ المحامين محمد الذي عمل معه لفترة في المحاماة، فقد اجمعوا جميعاً على أن الرجل صاحب ذكاء حاد ويدير كل الامور بهدوء وصمت تقطعه هزة رأس من حين لآخر تصحبه نصف ابتسامة تكاد تكون طيفاً تظهر بوضوح في لحظات نادرة لا تمنعه أن يحسم ما يريد دون أن ينهض على قدميه منفعلاً!

وهو مثل كل السياسيين خرج من زحام صفوف الأسر المتوسطة التي تحترم التعليم، وبدأ حياته في صفوف الحركة الاسلامية منذ بداية مراحله الدراسية، وختمها بوصوله البرلمان بوصفه معارضاً قبل أن يكون من ابرز عناصر الحركة الإسلامية في حكومة 89م، ورغم الهدوء الظاهري في الرجل إلا أنه قادر على تفجير مفاجآت من العيار الثقيل يخبئها بعناية داخل سحارته الخفية ليخرجها بغتة في وقت تكون كل اضواء الفلاشات تتجه الى مكان آخر.

أولى مفاجآت طه كانت في المفاصلة عندما تحصن خلف صمته المعهود متجاهلاً عاصفة التساؤلات التي كانت في حيرة بسبب صمته قبل أن ينضم إلى الرئيس في رؤية خاصة للموقف، ويجيب حسب رواية سياسي ضليع على تساؤل خليل إبراهيم المحتج بكيف يختار هذا الخيار قائلا: كان الخيار إما الدولة وإما الشيخ، وانا اخترت الدولة.

وبعد استشهاد الزبير محمد صالح نائب رئيس الجمهورية الرجل صاحب الكاريزما الطاغيه بصورة فاجعة، اوجد لنفسه مقعداً خاصاً رغم الاحاديث وقتها عمن يخلف رجلاً مثل الزبير دون أن يخفق، فجاءت الاجابة صامتة كالعادة من رجل يسبق اسمه لقب «شيخ»، فوجد الناس في حديثه الهادئ ووجوده في خضم مشروعات النهضة والزراعة وشرائح الطلاب في بساطة أزاحت ستار الغموض الذي كان يلف وجوده بوصفه نائباً للرئيس ورجلاً يحترم الرئيس خطواته.

وبعد نيفاشا تنازل الرجل عن مقعده طواعية لسلفا كير ليصبح النائب الثاني دون أن يؤثر ذلك في مكانته لأنه يتحكر وفق رؤية تتجول داخل شرفاته قبل ان تخرج الى العلن، وتحدث في حسم عندما توترت العلاقة مع جنوب السودان مخرجاً لغة محارب كانت غريبة وقتها، لكنها مشت مع لغة الشارع السوداني وقتها.

وفي مؤتمر الحركة الاسلامية الاخير كان يجلس هادئاً في الصف الاول كما فعل في ايام المؤتمر كلها، قبل أن يعتلي المنصه ويتحدث بنبرة عالية وحماس مفاجئ، ويفجر تصريحات في منصة استثنائية عن خريطة السودان ورفضه للتدخل الاجنبي، داعياً لتحرير فلسطين، حتى هاجت القاعة ولم تهدأ، وتطايرت الدموع من عيون عصية على البكاء قبل أن يترجل بهدوء حاد ليجلس كأنه لم يكن هناك يغلي منذ لحظات، ولأن الحديث أتى من شخص مثله لم يتوقف صداه طوال الايام التي تلت تلك الغضبة.

وفي الفترة الاخيرة تطايرت الشائعات حول السفر المفاجئ لطه، وهل هو غاضب؟ والسؤال ممن بالضبط؟وهل سيلتقي على الحاج ليعود الود القديم؟وأحاديث عن انه لن يعود، وهل سيعاوده الحنين لشيخه الترابي؟وهل سيترك كرسياً ظل فيه صامتاً عن الكثير، وغيرها من تكهنات قالت إنه هناك مريض، ولكنه كالعادة في التوقيت المناسب وفي منصة استثنائية وحضور غفير وباب اسئلة مفتوح، أجاب عن كل الاسئلة الصامتة، وقطع طريق الشائعات بقوله: إنا موجود وتصالحت مع علي الحاج. ودعا المعارضة للحوار في بطاقة انيقة احتفظ بها كل حزب باعتبارها مفتاحاً أولاً، حاسماً الحديث حول ترشح الرئيس.

سحارة طه لن تنضب يوماً طالما مفتاحها في جيب صاحبها ولم يخرج منها إلا القليل، والفضول يقتل عين الوقت لترى مفاجأة جديدة تقول إن في الصمت كلاماً!!

صحيفة الإنتباهة
سارة شرف الدين[/JUSTIFY]