نادية عثمان مختار

نجوم ( القد) !!


نجوم ( القد) !!
في كل صباح جديد يخرج علينا شاب أو شابة يتم إدراجهم تحت مسمى (فنان) و(فنانة) وأصبح مقابل كل مواطن ( فنان) وفنان لكل مواطن !!
ابتدعت القنوات الفضائية برنامجا بمختلف المسميات لاكتشاف الوجوه الفنية الجديدة والواعدة وإتاحة الفرصة لها لتسجل حضورا على الشاشة البلورية وتثبت وجودا في الساحة الفنية ؛ ومن هذه البرامج وأشهرها على الإطلاق برنامج ( نجوم الغد ) بقناة النيل الأزرق الذي كان له (قصب السبق) في اكتشاف معظم الأصوات الواعدة الموجودة على الساحة الفنية الآن من الجنسين، وقد لمع نجم بعضهم حتى أضاء سموات الإبداع في بلادنا بالحناجر الذهبية والأصوات الملائكية، بينما أفلت نجوم البعض الآخر إما بعد ظهور قوي أو بدايات ضعيفة لم تستطع تثبيت أقدامها وسط ساحات المنافسة الكبيرة من خلال البرنامج الذي يجلس لتقييم الأصوات الشابة فيه فطاحلة من كبار الموسيقيين وخبراء الأصوات والفنون في بلادنا !!
لا أحد يدري على وجه الدقة إن كانت ظاهرة انتشار الفنانين واتجاه معظم الشباب والشابات واختيارهن للغناء يعد محمدة وشيء ايجابي أم العكس إذ يرى البعض أن في الأمر خطورة بحسبان أن ( كل من هب ودب) يرى في نفسه فنانا وتجده متجها لبرنامج نجوم الغد لإثبات ذلك أو تجده حاملا ( أورغنه) ومتجولا في الحفلات بتشجيع من أسرته أو أصدقائه بغض النظر عن جمال صوته أو إمكانياته التي تؤهله للولوج إلى هذا المجال الذي لا ضوابط لدخوله ولا موانع ولا يحتاج للتقدم لجهة ما لأخذ الإذن منها أو إبراز شهاداتك الأكاديمية أو خبرتك العملية ؛ فقط مقدرتك على إقناع فرقة موسيقية لإجراء ( البروفات) لعدد من الأغنيات المسموعة وحبذا لو كانت أغنيات الحقيبة تلك (الملك) الحر للفنان السوداني والتي يتعامل معها بعض الفنانين باعتبار أنها حق مشاع لهم وتحت تصرفهم و( ماعندها سيد) فتجدهم ( يخرمجونها) شر خرمجة سواء كان على مستوى الكلمات الشعرية أو اللحنية لدرجة تجعل صاحبها الأصلي ( يتململ) في قبره إن كان ميتاً ويتأسى حزنا إن كان حياً يرزق !!
كثير من الأسماء الفنية التي خرجت من برنامج نجوم الغد تحديدا كانت أصواتا مبشرة بالخير وينتظر منها الكثير فنيا ، فقط مطلوب منها الخروج عن إطار التقليد الذي يستسهله بعضهم بمبررات واهية مفادها أن الجديد يحتاج لكثير من الوقت للتعريف بالفنان، والغريب أن بعض الفنانين الشباب نالوا حظا واسعا وكبيرا من الشهرة التي ملأت الأفاق وأصبحوا ملء السمع والبصر ورغم ذلك تجدهم يصرون ( إلحاحا) أن لا يرهقوا أنفسهم في البحث عن الجديد ( الخاص) كلماتا ولحنا ، خاصة وأن ( عداداتهم رامية بأغنيات الغير ) وليس لديهم أي مشكلة بل أن بعضهم يضرب عرض الحائط بقانون ما يسمى بالمصنفات الفنية وحقوق الشعراء والملحنين الذين يجأرون بالشكوى كانوا ومازالوا نسبة لضياع حقوقهم المادية والأدبية في بعض الأحيان !!
كثرة الأصوات الفنية مع جودتها لا ضير منها ولكن عندما يحتل ( الغث) مساحة مقدرة في مواجهة ( الثمين) تختل موازين الإبداع وتختل كذلك الذائقة الفنية لشعب حباه الله نعمة ( الأذن النظيفة) التي لوثتها عمدا بعض الأصوات ( النشاز) التي فرضت نفسها قسرا وفي غفلة من الزمن الجميل لتستحق أن نطلق عليها وبجدارة ( نجوم القد) الذين يقدون طبال آذاننا بقبيح الأصوات والكلمات وضجيج الألحان الصاخبة والمزعجة !!
و
أنـسـت فيكَ قداسةً ولــمستُ إشراقاً وفناً ؟!!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/9/10
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]