عبد اللطيف البوني

سلفا, الحلو وعقار


سلفا, الحلو وعقار
*في عالم تلاشت فيه الحدود القطرية او كادت يصعب الفصل بين المكون المحلي والدولي لأي حدث سياسي مهما كان حجمه، فقيام دولة ثانية في حدود السودان السابقة ماكان له أن يتم لو لا التدخل الخارجي السافر. نعم هناك رغبة لا بل تطلع من الصفوة الجنوبية لتلك الدولة المستقلة ولكن لو لم يصادف هذا التطلع رغبة من الجهات الخارجية النافذة في عالم اليوم لما أصبح أمرا واقعا مع تباين في الدوافع في تلك الشراكة.
*من نكد الدنيا على السودان ازدياد المكون الخارجي في مشكلاته وقضاياه الحساسة يوما بعد يوم. فانفصال الجنوب بالتراضي ولو من ناحية إجرائية؛ كان هذا التراضي بسبب رغبة في شقي الوطن لإنهاء النزاعات والتوتر والعيش بسلام، فالجميع أصابه الإرهاق غير الخلاق و(قال الروووب) فالبتر مهما كانت بشاعته إلا أن الإنسان عندما يلجأ إليه يكون قد أصبح السبيل الوحيد لوقف سريان التسمم في بقية الجسم ولكن للأسف قيام الدولة الجديدة في السودان أصبح إضافة للمكون الخارجي في كلا البلدين القديم والجديد.
*في جنوب كردفان والنيل الأزرق اليوم تتجلى الأزمة بين الدولتين في السودان فهاهو السودان القديم يرمي باللوم كله على جارته الوليدة بينما هي على الأقل في جانبها الرسمي تنفي ذلك ولكن الواقع يقول غير ذلك لأن الجيش الشعبي الذي يقود المعارك في المنطقتين هو ذات الجيش الشعبي الذي انفصل بالجنوب وعملية الفصم بين الجيشين الشعبيين لم تتم في يوم من الأيام رغم أن اتفاقية نيفاشا قد قررت أن يتم هذا الأمر قبل الانفصال وذلك بإعادة الدمج والتسريح بعد نزع السلاح ولكن للأسف الاستعجال للانفصال جعل هذا الأمر من ضمن القضايا العالقة بين البلدين.
*في تقديري أن محاولة تحييد دولة جنوب السودان في النزاع الحالي سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا، ليس لأن هناك فاتورة دولية يجب أن تسددها الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب, أي ضرورة استمرار مخطط التفكيك وليس بسبب (قصة الريدة القديمة) أي الرباط العاطفي بين البلدين وليس لأن الخرطوم تدعم المتمردين على جوبا، بل لأن هناك قضايا عالقة بين البلدين تتمثل في أبيي والحدود والبترول وقضايا جانبية أخرى كالديون والأصول.
*في مشكلة الجنوب القديمة كان البعد الخارجي غير ثابت بل اعترته الكثير من المتغيرات ويكفي أن قرنق تلقى دعما عربيا من القذافي ومن مبارك ومن (عرب تانية حامياني). علاقته مع إثيوبيا وارتيريا شهدت علوا وانخفاضا. أما مع كينيا ويوغندا فقد اتسمت بالدعم الثابت وكذا الغرب بصفة عامة. أما اليوم فإن عقار والحلو يكاد أن يكون سندهما حتى هذه اللحظة من دولة الجنوب حصريا ومن خلال الجنوب سوف يأتي الدعم الدولي ولكن العقل والمنطق يقول إن دولة الجنوب لن تعوزها النظرة البراغماتية وسوف تفكر وتتصرف كدولة ذات مصالح من هنا تأتي أهمية التحاور معها في كافة القضايا العالقة وياحبذا لو كان هذا الحوار في شكل حزمة واحدة فإلى أديس أببا بالسلامة وخلونا من حكاية التدخل الخارجي وما الخارجي.

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]