جعفر عباس

العلم قد يصبح جهالة


العلم قد يصبح جهالة
كلما قفز العلم الحديث خطوة الى الامام، قفزت القيم الأخلاقية خطوتين الى الوراء، ولا يعني هذا ان التطور والتقدم العلمي، يشكلان بالضرورة خطرا على الأخلاق، بل يعني أنهما – في غياب الوازع – يسهمان في نسف أو إضعاف القيم المرعية في مختلف المجتمعات،.. وأكتب هذا المقال خلال عطلة عيد الفطر، والقارئ في إجازة وأنا «لا».. يعني شغال.. ولهذا أنصح الآباء بعدم تزويج بناتهم للأطباء والصحفيين، لأنهم صنفان من البشر لا يعرفان الإجازات، ولا يتناولان معظم الوجبات في البيت، ولأنني بالتالي حاقد عليكم أيها المتبطلون، فقد رأيت أن «أنكدكم وأقرف عيشتكم» بحكاية عائلة ريمر الكندية التي رزقت عام 1966 بولدين توأم هما برايان وبروس، وكان كلاهما يعاني صعوبات في التبول فأجريت عملية ختان ناجحة لبرايان ولكن الجراح رأى ان يكتفي بالكي الكهربائي في حالة بروس، فكان ان تسبب في تشويه تام لعضوه التناسلي بحيث قرر الأطباء انه لن يستطيع ان يمارس حياته الجنسية رجلا، وبعد الحادث بشهرين استمع والدا التوأم الى طبيب يدعى جون ماني يقول في لقاء تلفزيوني ان التنشئة وليس الجينات هي التي تحدد ما إذا كان الشخص ينبغي ان يعيش امرأة او رجلا، وأن العلاج بالهرمونات يكمل رحلة التحول من جنس الى آخر بمساعدة جراحات استئصالية وتجميلية، وكان والد وأمّ التوأم يبلغان وقتها من العمر 20 و18 سنة على التوالي، فسافرا الى أمريكا حيث عيادة الدكتور ماني الذي رحب بهما ايما ترحيب لأنه وجد في بروس فأر التجارب الذي يثبت به نظريته العجيبة، وأقنع الوالدين بأن بروس يمكن ان يتحول الى بنت طبيعية وإن كانت غير قادرة على الانجاب، وهكذا خضع الطفل لجراحات قاسية لفبركة اعضاء تناسلية انثوية له وتم حقنه بهرمونات الانوثة على مدى سنوات طويلة، وتم تحويل اسمه من بروس الى بريندا، وكان الطبيب ماني من دعاة المشاعية الجنسية ويشجع المعاشرة بين المنتمين الى نفس الجنس ومع الجنس الآخر، وكان يأتي بالتوأم برايان وبروس الذي صار بريندا ليتعريا امامه بزعم ان ذلك سيجعلها متحررين من العقد الجنسية… وكي لا أقرفكم أكثر اقول ان بروس صار بنتا من حيث الملامح، ولكنه ظل يحس بانه ولد، وكلما تعرض للتهكم والمضايقات في المدرسة (لأن الدكتور ماني كان يتبجح عبر البرامج التلفزيونية عن تجربته «الرائدة» معه وإثبات صدق نظريته)، كان لا يتصرف كبنت بل يضرب كل من يستفزه، وكان طبيعيا ان يهجر المدرسة، ولكن الاستفزازات ظلت تلاحقه اينما ذهب، وعندما بلغ الثانية عشرة قرر انه لن يبقى بنتا وخضع لجراحات تخلص بها من ثدييه الاصطناعيين، وزرع له الاطباء عضو ذكورة، وصار يكثر من تناول الطعام كي يصبح بدينا ويغطي بالشحم على معالم الانوثة التي اكتسبها بتعاطي الهرمونات.. أما توأمه برايان فقد سببت له تجربة شقيقه اضطرابات نفسية حادة جعلت منه مجرما وضيفا دائما في السجون،.. في حين ان بروس الذي استرد مظاهر الرجولة لم يتعاف قط من مرارة التجربة ولم يسلم من سخرية زملائه في المقصب الآلي، لأن الدكتور ماني ظل يتحدث عنه في البرامج التلفزيونية والمطبوعات،.. وهكذا قاد سيارته الى ضواحي المدينة الكندية الصغيرة التي كان يعيش فيها ووضع فوهة بندقية أسفل فكيه وضغط الزناد و….. مات!! ومات من قبله وسيموت من بعده كثيرون لأن هناك من يدوس على الاعتبارات الاخلاقية لإثبات نظريات علمية أو إحراز مجد شخصي.

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]