قانون مكافحة الفساد .. ( نصوص حرجة ) ..!!.
** تلك نصوص إفتتاحية لتعريف قانون مفوضية مكافحة الفساد و كذلك تعريف الفساد..إقتبستها من مشروع القانون الذي أعدتها لجنة عليا بأمر الحكومة، ثم سلمته لجامعة الخرطوم التي شكلت لجنة خبراء لإبداء الملاحظات ولإجراء عمليتي التنقيح وأعادة الصياغة، بحيث يصبح النص نصا قانونيا، شكلا وروحا..وأكملت لجنة جامعة الخرطوم مهامها، ثم سلمتها لتلك اللجنة العليا..ولكن قبل تذهب به اللجنة العليا إلى وزارة العدل ثم البرلمان ثم رئاسة الجمهورية للتوقيع عليه، رأت الحكومة ذاتها عدم جدوى المفوضية، وصرفت عنها النظر، وعليه تصبح مسودة القانون هذه مجرد وريقات غير صالحة لكافحة الفساد، أو كما تشتهي مراكز قوى..قد إتبرع بها لإمراة تبيع الفول والتسالي لتستفيد من وريقاتها، بحيث تصبح قراطيسا للفول والتسالي ..!!
** ومع ذلك، أي رغم عدم صلاحية مسودة القانون بعد صرف النظر عن فكرة تأسيس المفوضية، فلنتأمل بعض أهداف المفوضية حسب مقترح قانونها، وهي الأهداف التي تعترف – تلميحا – ببعض سوءات الواقع..على سبيل المثال تعمل المفوضية لتحقيق : الكشف عن مواطن الفساد ومكافحته ومنعه في جميع أشكاله وصوره، ترسيخ مبدأ الشفافية والنزاهة في العمليات الإقتصادية والمالية، توفير مبادئ المساواة وتكافؤ الرفص والعدالة، ضمان حق أفراد المجتمع وتمكينهم من الحصول على المعلومات والوصول بها الي السلطات، مكافحة إغتيال الشخصية..تلك أهداف المفوضية (الملغية)، تكشف ما يجب عمله، وهو غير المعمول به حاليا.. أما سلطات المفوضية، لقد كانت واسعة، منها : دراسة وتقييم التقارير الصادرة عن المنظمات المحلية والاقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الفساد والاطلاع على وضع الدولة فيها واتخاذ الاجراءات المناسبة حيالها..أي حين تصدر منظمة كما الشفافية الدولية تقرير يضع السودان في قائمة ( الدول الأقبح فسادا)، لوجد هذا الوضع المعيب الدراسة والتقييم ثم الاجراءات المناسبة، بدلا عن أسطوانة ( السودان مستهدف، الحكومة مستهدفة، مكتسبات الامة مستهدفة )، أوكما تقول الاسطوانة المشروخة عند كل تقرير..ثم هناك من السلطات مثل الملاحقة وحجز الأموال والمنع من السفر والتنسيق مع وسائل الاعلام والصحافة ( بدل كبتها وتهديدها وشرائها، هذا من عندي)، وفسخ أي عقد تكون الدولة طرفا فيه في حال تبين أنها أبرمت بناءا على مخالفة احكام القوانين ( بدل سلطة المدير المطلقة، هذا من عندى أيضا) .. تلك هي الأهداف الموؤودة ..!!
** وعندما قلت – في زوايا سابقة – بأن أي جهاز مركزي لمكافحة الفساد يعني عدم الإعتراف بالحصانات، كنت أعنى ما ورد في الفصل الرابع من مشروع هذا القانون، حيث يقول نصا : على الرغم من الأحكام المنظمة للحصانات الإجرائية في القوانين الأخرى، تخضع الفئات المذكورة أدناه لأحكام قانون المفوضية، وهم : رئيس الجمهورية ونوابه ومساعدوه ومستشاروه والعاملون بالمؤسسات التابعة لرئاسة الجمهورية، أعضاء البرلمان ومجالس الولايات، الوزراء الاتحاديون ووزراء الدولة والولاة والوزراء الولائيون، أعضاء السلطة القضائية والمستشارون بوزارة العدل، العاملون بالوحدات العسكرية بمختلف درجاتهم ورتبهم، رؤوساء واعضاء ومديرين الهيئات والمؤسسات والبنوك، و..و..بلا إستثناء، تجاوز القانون العائق المسمى بالحصانة، وأخضعهم جميعا تحت أحكامه.. ولذلك لم يدهشني أن يتم وأده وهو في المهد مقترحا ومشروعا، بلسان حال قائل ( مافى داعي للمفوضية، نمشي حالنا بالموجود)..نعم ، للأسف، لم يعد هناك قانونا بهذه القوة، ولا مفوضية بهذه السلطات، فالأمر كان محض مزاج شخصي و( خلاص إتلغى ).. وإن كان كذلك، لماذا تم تشكيل اللجان – في دهاليز الدولة و قاعات جامعة الخرطوم – لإعداد هذه المسودة ( 15 صفحة )؟..وهل أعدتها لجان الدولة والجامعة طوعا ومجانا، أم ( كل شئ بي ثمنو)، بحيث يدفع الشعب حوافز أعضاء اللجان مكرها وخصما من بند الغذاء والكساء والدواء ؟.. المهم، ما كان يجب إهدار الوقت والجهد والمال – ولو قيمة الورق والطباعة – في مشروع قانون لم ولن يرى النور..ومع ذلك، ليس في الأمر عجب، فالإهدار هو ما يميزكم عن الآخرين، وبالتأكيد المال والوقت والجهد ليسوا بأغلى من ( وطن )..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]