جعفر عباس

لغتنا والسموأل

لغتنا والسموأل
شاعر العراق الشتَّام الفصيح مظفر النواب الذي كان شعره متداولا في العالم العربي في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، «تحت، تحت» مثل المخدرات قال في الزعماء الذين ظلوا يوجعون رؤوسنا بالحديث عن قرب تحرير القدس: إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم/ تتحرك دكة غسل الموتى/ أما أنتم لا تهتز لكم قصبة.. الإنجليز عموما فيهم برود القادة العرب، وهم أقل شعوب الغرب قبولا للتغيير والتجديد.. والأمريكان عكس الانجليز، إذا أقنعت أمريكيا بأن الترمس يعالج البواسير، فإنه يبادر على الفور الى وضع الخطط لاحتكار الترمس بل يسعى الى إقناع نواب في الكونجرس بأن احتلال مصر والسودان سيفتح أمام بلادهم أبواب الثراء من وراء الترمس.. والأمريكان جاءتهم اللغة الانجليزية جاهزة فغربلوها وتخلصوا من الزوائد التي فيها، حتى صاروا بحلول القرن العشرين أصحاب الفضل في ان تصبح الانجليزية اللغة الأولى في العالم.. في معظم الكلمات الانجليزية حروف لا لزوم لها.. لأنها لا تُنطق.. مثلا كلمةhguone وتنطق إنَف بكسر الألف وفتح النون وتعني كفى/ يكفي، تنظر في رسم الكلمة ولا أثر فيها لصوت حرف الفاء، وتجد فيها أربعة أحرف عديمة الجدوى، ومثيلاتها بالطن المتري في الانجليزية.. وأدرك الانجليز ان الأمريكان سرقوا منهم الجو بأنهم يكتبون معظم الكلمات كما تنطق ويتخلصون من الحروف الحشو التي لا لزوم لها فقرروا إعادة النظر في تهجئة ورسم/ كتابة مفردات لغتهم، لتخليصها من الشوائب والزوائد الدودية.
واللغة العربية كادت تروح التوج، في عصر هاي وباي وجنا الباباي، لا الجيل الجديد يحبها ولا من يتولون تدريسها يتقنونها.. في كل البلدان العربية يذهب الخريج الجامعي الى وزارة التربية (كملاذ أخير) ويقول إنه يحمل بكالوريوس في التاريخ أو الجغرافيا فيقولون له: انس التاريخ/ الجغرافيا.. تشتغل مدرس عربي؟.. ولأن المهم هو المرتب فإن الخريج الجديد يقبل بأن يدرس العربية، ويحدث ما هو أفدح من ذلك في مجال المواد الأخرى حيث يكون التعيين بطريقة ما يطلبه المستمعون: بكالوريوس علم نفس؟ عندك مانع تدرس فيزياء؟.. على عهدي بالمدرسة كانت اللغة العربية من أثقل المواد على نفسي.. أستدرك،- وأقول انني أحب اللغة العربية حبا شديدا وعمدت بعد تركي مقاعد الدراسة بسنوات الى تعلمها بالإكثار من القراءة.. ما كان يجعلها ثقيلة على النفس هو «الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ».. تقول لهم: يا جماعة الخير قلتم لنا من شوية ان المبتدأ يكون اسما مرفوعا بالضم.. فيأتيك الرد: اسكت يا قليل الأدب.. إنت تفهم أحسن من الحكومة.. وهناك الاستعارة المكنية والجناس والطباق والمعلقات.. في امتحان الشهادة الثانوية كنا مطالبين بحفظ خطبة زياد بن أبيه (البتراء) – وكانت العرب تسمي الشخص الذي لا يعرف له أب بابن أبيه.. (يعني حفظونا كلام واحد ابن……..) أعتقد انه ليس من الصعب تبسيط منهج اللغة العربية وجعله أكثر تشويقا، ولا أرى غضاضة في إلغاء مادة «البلاغة» كليا لأن معايير البلاغة في زماننا تختلف عن زمان ابن تمام «في حده الحد بين الجد واللعب»!.. ما لا أفهمه هو لماذا – واللغة العربية تكتب كما تنطق – لا يسري هذا الحكم على جميع الكلمات، فتصبح لكن وهكذا وهذا وأولئك «لاكن وهاكذا وهاذا وأولائك».. لماذا «الذي» بلام واحدة واللذان/اللذين (المثنى) بلامين؟ هل هو حكم القوي على الضعيف؟ خيار وفقوس؟ استخفاف و«حقارة»؟ أما الهمزات فخليها على الله: هناك همزة على النبرة/ الكرسي، وأخرى على الياء وثالثة على السطر ويسميها البعض متطرفة (وكأنما هناك همزة ليبرالية أو معتدلة أو اشتراكية) ورابعة على الواو ولكل حكمها.. والى يومنا هذا لا أعرف هل أكتب السموءل هكذا أم بوضع الهمزة على ألف: السموأل.. ولا أعرف لماذا يسمي إنسان ولده باسم ليس هناك إجماع حول طريقة كتابته… السموءل/السموأل اسم يكفي 3 أنفار.

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]