التفحيط … وباء خليجي بالسودان ..!!
** بحثت عن مفردة التفحيط في قاموس اللغة العربية ولم أجدها، ولكن البعض المجتهد يعرف معناها ب ( الإنزلاق بالسيارة وهي في وضع يكون فيه إتجاه الإطار الأمامي مخالفا للإتجاه الفعلي الذي تسير فيه السيارة، وهي تحت سيطرة سائقها)، هكذا التعريف اللغوي للتفحيط..لم يرقني هذا التعريف المزعج، ولكن شاهدته أكثر من مرة – بيانا بالعمل – في شارعي النيل والستين بالخرطوم، وليس في بطحاء دول الخليج وفيافي العرب..نعم التفحيط بالسيارات في شوارع الخرطوم – بعد منتصف الليل- يكاد أن يتجاوز مرحلة الظاهرة السالبة إلى مرحلة رياضة طبيعية ذات قاعدة جماهيرية..وأشير بوضوح إلى من يمارسونها تحت سمع وبصر المارة والسيارة، وهم بعض أبناء المغتربين وبعض أبناء المسؤولين ..!!
** كنت أحسب بأن الأمر محض طيش بعض الشباب غير المسؤول، والذي لا يبالي بما قد يحدث لروحه أو لأرواح المارة والسيارة، حين ينطلق بسيارته بالسرعة القصوى ثم يرفع (فرملة اليد) وهي بتلك السرعة..ولكن الأمر ليس بطيش شباب فحسب، بل تأكدت – بما لايدع مجالا لأي شك – بأن هناك بعض النافذين في بعض الأندية والإتحادات هم من يقفون وراء هذه الظاهرة التي تهدد سلامة البعض وتستفز مشاعر البعض الآخر، والتي عجزت عن مكافحتها حتى سلطات دول النفط..وفي رمضان الفائت، نجح هؤلاء النافذين في إعداد وتنظيم عرض تفحيط في شارع النيل تحت سمع وبصر وإشراف شرطة المرور، وذلك لإقناع إدارة المرور بأن القيادة بطيش في شوارع المدينة أصبحت رياضة ويجب الإعتراف بها، وللأسف بعض الفتيات شاركن في عرض التفحيط، لا بالتشجيع ولكن بالقيادة .. إدارة المرور – بعد أن شاهدت مخاطر عرضهم – رفضت طلبهم وإستنكرت هوايتهم، ثم واصلت – ولاتزال- مكافحة طيشهم وإستهتارهم بأرواحهم وأرواح الناس، ولكن – لم – ولن تفلح في القضاء على كل الطيش والإستهتار..!!
** نعم قد تحد شرطة المرور من هذه الظاهرة بدورياتها، ولكن القضاء عليها يجب أن تكون مسؤولية أسر هؤلاء الشباب، ومعظمهم طلاب بالجامعات، وبالواضح كدة ( معظمهم طلاب شهادة عربية وأبناء مسؤولين بالدولة)..فالشرطة لاتملك من العدة والعتاد ما تغطي بهما كل شوارع ولاية الخرطوم وأزقتها وميادينها، ولكن بإستطاعة أية أسرة أن تسيطر وتراقب وتنصح وتعاقب إبنها، بحيث لايؤذي نفسه والمارة بتصرف طائش كهذا..والثالث من أكتوبر هذا، شهد آخر وأسوأ حوادث التفحيط بشارع النيل، بحيث إصطدمت عربة طالب – وهي في لحظة الدوران حول نفسها – بعربة مواطن، ثم إنتقلا سويا إلى الرفيق الأعلى.. وقبلهما بشهر ونيف، إنتقل طالب آخر إلى رحمة مولاه بشارع الستين من داخل عربة التفحيط أيضا..وكثيرة هي البلاغات التي تدونها مضابط الشرطة تحت مادة القيادة بالسرعة الزائدة والإهمال، وفي ثناياها تختبئ ظاهرة التفحيط بأعداد مخيفة..وعليه، على الإخوة المغتربين – بالخليج تحديدا – نصح أبناءهم بألا يستخدموا سيارتهم التي بطرفهم في مثل هذا العبث المسمى بالتفحيط.. وكذلك على بعض المسؤولين بالدولة أن يكونوا مسؤوليين على أبناءهم، بحيث لايصيبوا أنفسهم والناس بمكروه..وعلى إدارة المرور ألا ترضخ لضغوط – ووساطات – مراكز القوى والنفوذ، رياضية كانت أو غيرها، بل يجب محاسبة هذه الفئة الطائشة التي تثير المخاطر في الطرقات..أما البعض النافذ بإلاتحاد العام للسيارات، نفيدكم بأن شوارع المدينة ليست هي المضمار المناسب لإشباع هواياتكم، إذ كيف لعاقل بأن يستمتع بالمخاطر التي تزهق أرواح الناس؟..فالاوبئة على قفا من تشيل بهذا البلد المنكوب و في مجتمع هذا الشعب المنهك، ولاينقصهما الوباء الخليجي المسمى بالتفحيط ..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]