الطاهر ساتي
فساد السلطة الرابعة …!!
** وساقية الاتهامات لم تتوقف عن الدوران بعد ، ومنذ خواتيم رمضان وإلى يومنا هذا تسكب القواديس تهمها في بلاط السلطة الرابعة لتصيب بعض الزملاء برصاص الفساد والعمالة أيضا ، الجديد في الأمر أن الرصاص الأخير لم يخرج من أفواه سودانية ، كما كان في السابق ، بل من أفواه مسماة بالدولية عبر تصريح وتقرير نفيهما أو تجاهلهما غير مفيد في زمن أصبح فيه العالم بكل خباياه وخفاياه مجرد موقع إلكتروني بجهاز حاسوب يحمله راعي في طرف القرية ، وكالعادة استقبلت سلطة السودان الرابعة الرصاص الأخير بغضب البعض وصمت البعض الآخر.. وحتما سينتهي الأمر بتسجيل بلاغ الفساد ضد المجهول ، ثم ينتظر الكل البلاغ التالي ليسجل أيضا كالمعتاد ضد مجهول .. هكذا حال الصحافة السودانية .. يترنح ، ويكاد أن يسقط بفعل تتابع رصاص الفساد والعمالة على جسده ، الذي لايجد غير قليل غضب وكثير صمت من أهل الصحافة ..!!
** ليس من العدل نفي كل تلك الأقوال بجرة قلم أو رميها في مذبلة الرفض المطلق ..أهل الصحافة ما هم إلا بعض بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، لم تهطلهم السماء ليرصدوا ويراقبوا ويكتبوا عن فساد أهل الأرض .. لا ، ما هكذا هم ، ومن يزعم ذلك إن كان قارئا يكون من الساذجين، وإن كان صحفيا يكون من الكاذبين ..فالسلطة الرابعة في بلدي تستظل منذ زمن ليس بقصير بمناخ أتربته السياسية – الوطنية والمستوردة – تكاد تلوث رئة كل السلطات ، بل حتى رئة المجتمع تكاد أن تستنشق تلك الأتربة ، وصدق من قال قبل سنين عددا : « الزمان مازي بقية الأزمنة والمكان ما زي بقية الأمكنة » ، وكأن القائل يومئذ كان يقصد زمان الناس هذا ، حيث صار فيه لكل شئ ثمن ، إلا إنسان المدينة الفاضلة فلا ثمن له ..فلندع المكابرة ونقر بأن السلطة الرابعة لم تعد خالية من الشوائب ، أو كما يظن بعض ذوي النوايا الطيبة من القراء ، ونتمادى في الحديث المر لنعترف بأن الصحافة السودانية بها من الأقلام المتحدثة التي لو ساقها القدر الي مفاصل اتخاذ القرار لتزلزلت الأرض تحت أقدام قاطنيها من هول الفعل ، علما بأن فساد القلم – فى أي زمان ومكان – لا يقبل أن تضعه فى دائرة التصنيف السياسي ، إذ هو فساد يتسلق كل الأحزاب ، الحاكمة والمعارضة .. أي ، الفاسد فاسد لو كان يسترزق من ثدي منظمة باسم الحرية والديمقراطية ، أو لو كان يتطاول في البنيان من ثدي الدولة باسم الدين والوطنية ، سيان كلاهما في تقاسم الوصف ..ويجب مكافحتهما سويا .. !!
** وفي ظل القيود الاقتصادية والسياسية التى تكبل المؤسسات الصحفية وسياساتها التحريرية وأفرادها ، لا يتوقع أحدكم بأن تكتب لكم النزاهة فقط كل يوم وكل سطر .. تلك القيود هي التي تبسط الرجس على الصفحات .. فارفعوها لكي يميز القارئ الخبيث من الطيب ، وحتما يذهب الخبيث جفاء ويبقى ما ينفع الناس طيبا .. إذن الحرية هي الحل للتنافس الشريف حول الآداء الشريف ، هكذا الحل مالم يكن البعض يستمتع بالفساد والافساد ..!!
إليكم – الصحافة – السبت 18/10/ 2008م،العدد5504
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]