هنادي محمد عبد المجيد

مصباح الهدى وسفينة النجاة ٣‏

مصباح الهدى وسفينة النجاة ٣‏
سيدنا ومولانا الحسين عليه السلام كانت له دعوة يواظب عليها فكان يدعو الله بقوله(اللهم إجعلنا مصابيح هدى وسفن نجاة) فقد كان يعلم تماما الدور الذي كلف به وراثة وليس إختيارا ،،كان عليه السلام شديد الشبه برسول الله صلى الله عليه في خلقته كان جيد البدن، حسن القامة ،جميل الوجه ،صبيح المنظر ،نور جماله يغشى الأبصار ،وله مهابة عظيمة ،يشرق منه النور بلحية مدورة قد خالطها الشيب ، أدعج العينين ، أزج الحاجبين ،واضح الجبين، أقنى الأنف ،وكان إذا جلس في المكان المظلم يهتدي إليه الناس ببياض جبينه ونحره كأن الذهب يجري في تراقيه، وإذا تكلم رأى النور يخرج من بين ثناياه ، ولم يكن يمر في طريق فتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه لطيب رائحته وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقبل الحسين بنحره وجبينه -فهو يعلم مسبقا أنه يموت مذبوحا -،كان الحسن رضي الله عنه يعظم الحسين حتى كأنه أسن منه ،،تحلى سيدنا الحسين بصفات عظيمة تجلت في حلمه وعفوه وكظم غيظه :روي أن الحسين بن علي مر بمساكين قد بسطوا كساءا لهم وألقوا عليه كسرا من الطعام ،فقالوا هلم يا ابن رسول الله ،فثنى وركه فأكل معهم ثم تلا:[ إنه لا يحب المتكبرين ] ثم قال لهم قد أجبتكم فأجيبوني،قالوا نعم فقاموا معه حتى أتوا منزله فأطعمهم وسقاهم وكساهم وأمر لهم بدراهم ،،وكان ينقل الطعام سرا دون علم أحد فيحمله مربوطا بحبل على كتفه ولم يكتشف أمره إلا بعد موته حين وجدوا الأثر محفورا على كتفه، ومن أقواله (صح عندي قول النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه )،،أما عن حكمه وحكمته نروي هذه القصة:جنى غلام له جناية توجب العقاب عليه، فأمر به أن يضرب فقال: يامولاي والكاظمين الغيظ ،قال عليه السلام: خلوا عنه ،فقال الغلام: يا مولاي والعافين عن الناس، قال عليه السلام: قد عفوت عنك، قال الغلام:يا مولاي والله يحب المحسنين ،قال عليه السلام:أنت حر لوجه الله ولك ضعف ما كنت أعطيك، ،،وعن عصام بن المصطلق قال: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي عليه السلام فأعجبني سمته ورواؤه وأثار من الحسد ماكان يخفيه صدري لأبيه من البغض ،فقلت له: أنت ابن أبي تراب ،فقال: نعم، فبالغت في شتمه وشتم أبيه فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم [خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ،وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون،] ثم قال لي: خفض عليك استغفر الله في ذلك إنك لو استعنتنا لأعناك، ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لأرشدناك، قال عصام فتوسم مني الندم على ما فرط مني فقال عليه السلام : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ،أمن أهل الشام أنت؟ قلت نعم، فقال:(شنشنة) أعرفها من أخزم حيانا الله وإياكم إنبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنك إن شاء الله ،قال عاصم: فضاقت علي الأرض بما رحبت ووددت لو ساخت بي ،ثم سللت منه لواذا وما على الأرض أحب إلي منه ومن أبيه !-قصد سيدنا الحسين بكلمة شنشنة :السب والشتم ، وكان يعني أن هذه طبيعة وعادة يعرفها عن أهل الشام ،وأخزم هو رجل له قصة اشتهر بها تخص هذه الشنشنة ،،،وعن مسروق قال: دخلت يوم عرفة على الحسين ين علي عليه السلام وأقداح السويق بين يديه وبين يدي أصحابه والمصاحف في حجورهم، وهم ينتظرون الإفطار ،فسألته عن مسألة فأجابني وخرجت، فدخلت على الحسن بن علي عليه السلام والناس يدخلون إلى موائد موضوعة عليها طعام عتيد فيأكلون ويحملون ،فرآني وقد تغيرت ،فقال: يامسروق لم لا تأكل؟ فقلت:ياسيدي أنا صائم وأنا أذكر شيئا ،قال: اذكر ما بدا لك ،فقلت: أعوذ بالله أن تكونوا مختلفين ، دخلت على الحسين فرأيته ينتظر الإفطار ودخلت عليك وأنت على هذه الصنعة والحال، فضمني إلى صدره وقال ياابن الأشرس أما علمت أن الله تعالى ندبنا لسياسة الأمة ؟، ولو اجتمعنا على شيء واحد ما وسعكم غيره إني أفطرت لمفطركم وصام أخي لصومكم ،هكذا هي الحكمة والسياسة أراد الحسن والحسين أن يثبتوا سعة الدين وحكمته وكيف تكون سعة الأفق ،، حدثت في عهده عليه السلام أحداث جسام ،لا تثير في النفس سوى التنغيص لذلك لا أتعرض إليها بالسرد وأترك لراغب الإطلاع قراءة التاريخ ليعرف كيف تغوي السلطة طالبيها -إلا من رحم ربي -،،قتل الحسين عليه السلام في معركة كربلاء وقطع رأسه ودفن بالقاهرة ودفن باقي الجسد بكربلاء ،وقيل ليس بكربلاء وتضاربت الأخبار في ذلك ،،وقتل معه جميع أفراد أسرة السيدة فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب ،،وأقول لكل من ينسب حب آل البيت وتقديسهم إلى فرقة الشيعة ،، أنه على خطأ بين وواضح ، فحب آل بيت رسول الله فرض نؤديه كل يوم أثناء أدائنا للصلاة من خلال تلاوة التشهد ،،وليس له أدنى علاقة بفرقة الشيعة التي خالفت أهل السنة والجماعة في الكثير مما نص عليه الإسلام ،،والحمدلله.

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]