الطاهر ساتي
يتكئون على الجدار المنهك ..!!
** اتحاد ناشرين لا تختلف طرائق تفكيره عن طرائق تفكير رؤساء محليات السودان .. حيث يلجأون جميعا الي حائطهم القصير الملقب بالمواطن حين يضيق بهم الحال الاقتصادي ، وكذلك حين يعجزون عن تحقيق الربط المقدر .. فهذا الاتحاد – نهجا وتفكيرا واجتهادا – من تلك المحليات ..وبارك الله في المواطن الذي لولاه لأوصدت المحليات أبوابها ، ولنسجت العناكب في دور الصحف بيوتها .. بارك الله في « جميل الشيل » هذا و هو يتحمل تكاليف كل الأشياء فى كل السلطات ، بما فيها تكاليف ..« السلطة الرابعة »..!!
** أعلم بأن جوهر اجتماع الناشرين في مجلس الصحافة يومئذ لمناقشة كيفية مجابهة تكاليف الطباعة والتوزيع لم يستغرق نصف ساعة ، فالقرار كان جاهزا وساطعا فوق سماوات المؤسسات الصحفية منذ زمن بعيد قبل اجتماعهم الاخير ، والاجتماع لم يكن لمناقشة مجابهة التكاليف ، بقدرما كان للاتفاق على القرار الجاهز و« السهل ».. زيادة السعر ..وقرار زيادة السعر ، أى سعر ، يعد في السودان من أسهل القرارات التي تستطيع أن تصدرها أية جهة بلا مبالاة من استياء الرأي العام ، ودون وضع اى اعتبار لغضب السلطة الرابعة ورفضها .. طبعا ما لم تكن السلطة الرابعة ذاتها هى صاحبة القرار ، كما الحال اليوم ..!!
** نعم تكاليف الطباعة والتوزيع مرهقة بحيث تهد جبال العائد ..ونعم مهما ارتفعت قمم جبال العائد فانها تتقزم أمام تكاليف الطباعة والتوزيع .. ولكن هذا لايبرر للمؤسسات الصحفية تحميل القارئ مسؤولية تلك التكاليف والزامه بتغطية العجز ثم دفع بعض الربح أو التوقف عن قراءة الصحف .. القارئ ليس مسؤولا عن تلك التكاليف حتى يرهقه اتحاد الناشرين بمشاقها بكل يسر في « جلسة ضحى » ، ليدفع ثمنا للصحيفة مقدار ما كان يدفعه ثمنا لصحيفتين .. والزيادة التى يسميها اتحاد الناشرين بالخيار الأخير ليست هى كذلك ، بحيث الاتحاد لم يبذل أى جهد للبحث عن خيار آخر ، وذلك لسبب بسيط ، حيث لايوجد واقعا عمليا فاعلا مايعرف باتحاد الناشرين ، ولايتحدون اطلاقا الا حين يقررون أو يقرر بعضهم زيادة سعر الصحيفة أو زيادة سعر الاعلان ل..« مجابهة التكاليف » ..!!
** لو كان اتحادا للناشرين ، بكل معاني الاتحاد ، لبحث عن الأسباب الجوهرية التي ترفع تكاليف الطباعة والتوزيع ،ثم اتخذ حيالها حزم مواقف مشرفة تليق بمقام السلطة الرابعة ، وهى جملة أسباب كلها راسخة فى دهاليز الحكومة ومؤسساتها الاقتصادية ، تمد ألسنتها ساخرة من الناشرين واتحادهم .. اتحاد الناشرين يعرف أن الضرائب الباهظة تقصم ظهر صناعة الصحف ، واتحاد الناشرين يعرف أن الجمارك تثقل كاهل الورق والمطبعة ، واتحاد الناشرين يعرف كل الجهات الرسمية – المحلية منها والولائية والقومية – التي تحيط رسومها وجباياتها بصناعة الصحف كاحاطتها بمصانع الشعيرية والحلويات ، وربما في وطأة الاحاطة فى الثانية أقل شدة و أرحم خنقا ، واتحاد الناشرين يعرف شركة الحكومة التي تحتكر الاعلان الحكومي وتخصم من القيمة – بغير وجه حق – نسبة تقترب الى الربع من قيمة الاعلان .. اتحاد الناشرين يعرف كل ذلك ، وكذلك اتحاد الصحفيين خير العارفين ، أما مجلس الصحافة فهو سيد العارفين ،و دع عنكم لجنة الاعلام بالبرلمان التى بمثابة « أطرش في الزفة » .. كلهم يعرفون كل تلك الأساب التى ترهق كاهل المؤسسات الصحفية ولكنهم « يتغابون العرفة » ، ليرموا باثقال عجزهم على ظهر أغبر أغبش يبحث عن المعرفة والاستنارة رغم ضنك العيش ورهق البحث عن الغذاء والكساء والدواء ..الخمسين قرشا التى يضيفها الاتحاد على الخمسين قرشا تسد رمق جائع فى طرف المدينة ، ولكن اذا خصمتها وزارة المالية من جمارك الورق – مثلا – فانها لن تتسبب فى اعلان الحداد على ميزانية الدولة .. وعلى هذا يجب أن يتكئ تفكير اتحاد الناشرين وليس على حائط القارئ المائل من تراكم الأسعارعليه .. !!
إليكم – الصحافة -السبت 31/5/ 2008م،العدد 5369
tahersati@hotmail.com[/ALIGN]