الفاتح جبرا

لمستقر لها.


[JUSTIFY]
لمستقر لها.
أمام منزل الحاج (عبدالفضيل) وقف شاب (يعلق) على كتفه شنطه جلدية سوداء ويمسك بدفتر وقلم .. يفتح (حاج

عبد الفضيل) الباب

– اهلاً مرحب يا بنى

– أهلاً يا حاج ..

– إنت بتاع شنو؟ نحنا أمبارح القريبه دى دفعنا النفايات والعوائد والمويه و …

– لكن يا حاج ما اظنك دفعت رسوم (تدفئة وضؤ) عشان دى رسوم جديده

– (فى إستغراب) : رسوم شنوووو؟

– مالك يا حاج مستغرب كده ؟ دى رسوم (تدفئة وضؤ) ! ما سمعت بيها ؟

– طبعن يا إبنى ما سمعت بيها هو نحنا نسمع بى شنو وإلا شنو ما خلاص ما قادرين نلاحق الرسوم والجبايات دى !

– (يخرج من جيبه القلم ويمسك بالدفتر) : قلت ليا يا حاج بيتكم ده مساحتو كم؟

– مالك ومالو كمان؟ عاوز بى مساحتو شنو؟ عاوز تطلع ليهو كروكى !

– كيف يا حاج عاوز بى مساحتو شنو؟ ما عشان نضرب ليك الرسوم بتاعتك بتاعت (تدفئة وضؤ) دى !

– (فى إندهاش) : والله محن ! أها وبتضربوها كيف دى ؟

– ما حسب مساحة السطح المتلقى لأشعة ضؤ الشمس يا حاج وكده وفى الحاله دى السطح هو طبعن بيتك !

– يا إبنى إنت عاوز تجننى؟ أشعة أيه؟ وسطح مين؟ ومساحة شنو؟

– يا حاج أهدأ شويه عشان افهمك الموضوع لو ما عارفو

– طبعن ما عارفو ؟ هو نحنا بقينا نعرف حاجه ما كل دقيقة ناطى لينا زول شايل ليهو دفتر إيصالات وعاوز قروش … هى الحكومة دى قايلانا (وارثين) ؟!

– شوف يا حاج الرسوم دى إسمها رسوم (تدفئة وضؤ) يعنى المواطن عشان يتدفا بالشمش دى وكمان يشوف بالضؤ بتاعا لازم يدفع رسوم ! يعنى إنت يا حاج عاوز تدفأ وتشوف ملح ساااكت !

– ملح فى عينك يا ود يا قليل الادب ! هى الشمش دى بتاعت زووول ؟

– يا حاج ما تهيج فينى ساااكت أنا زول عبدالمأمور ساااكت ونحنا شركتنا دى إسمها (تتحصلون) يعنى بتاعت تحصيل يعنى ما عندنا أى دخل فى مسألة فرض الرسوم دى !

– ومال الشركة العاملة (الفلم) دى إسمها شنو ؟

– إسمها يا حاج (لمستقر لها) !

– (فى دهشة) : قلت ليا إسمها شنو؟

– لمستقررررن لها !

– لا حولة ولا قوة إلا بالله هى حصلت كمان ! أها و (مستقرها) وين؟ أقصد مبانيها وين؟

– شفتا الجامع الكبير العاوزين يعملو ليهو صيانه ده .. بس العمارة الصفراء المقابلاهو !

دلف (حاج عبدالفضيل) الى المكتب الفاخر لمدير عام (لمستقر لها) ذو الوجه اللامع الذي تبدو عليه أثار النعمة و(الراحات) و(التكييف طويل المدى)- السلام عليكم- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته إتفضل- مشيراً الى أحد كراسى الجلوس الوثيرة ، جلس (حاج عبدالفضيل) ثم قال مخاطبا السيد المدير : – السلام عليكم

– وعليكم السلاااام

– (مبتسماً) إتفضل- الحقيقة بس يعنى جانى فى البيت ولد كده وقال ليا الشمش وما الشمش والضؤ وما الضؤ وتدفع رسوم وشنو ما بعرف داااك والمساحه فى الإرتفاع فى السطح وما عارف شنو فقلت اجى أستفسر منكم وكده !

– أول حاجه يا حاج مرحب بيك .. وإن شاء الله الجية بتاعتك دى تكون فى ميزان حسناتك .. !!

– يابنى ميزان حسناتى ميزان (لساتكى) أنا عاوز أعرف رسوم (التدفئة والضؤ) دى شنو؟ إنتو أصلكم ما بتشبعوا!

– يا حاج ما تزعل ساااكت .. كدى جاوبنى براااحه يا حاج وبدون إنفعال … الشمس دى بتاعت منو ؟

– بتاعت ربنا !

– طيب ما نحنا بتوع ربنا … تبقى الشمش دى بتاعت منو مش بتاعتنا ! وقع ليك يا حاج وألا أعيدو ليك ! بعدين يا حاج حقو رسوم (التدفئة والضؤ) دى ما تستكترا علينا لأنو الشركة بتاعت (لمستقر لها) دى هى شركة بر وإحسان وشركه خيرية لرعاية المسنين ولكفالة الايتام!

– (وهو يتجه نحو الباب) : أيتام …. أيتام أكتر مننا ؟

إنتشر فى الشوارع أشخاص يرتدون زيأً أصفر فاقع اللون رسم على صدره شعار شركة (لمستقر لها) وهو شمس حمراء ذات خيوط شعاعية ، مهمتهم تحصيل رسوم (تدفئة وضؤ) من المارة وأصحاب المحلات والمنازل :

– (وهو يخرج الدفتر ويمسك بالقلم) : بالله يا خينا لو سمحت

– فى شنو؟

– فى شنو كيف ؟ الشمس الضاربه فى (صنقورك) دى ما شايفا؟

– وما تضرب إنت سيدا؟

– أنا ما سيدا لكن ستها إسمها (لمستقرن لها) ! وبالله ما تلاوينا ساااكت أدفع خلينا نشوف غيرك !

– أدفع ليكم كم كده يعنى؟

– (ينظر إلى رأسه متمعناً ) : كدى أقعد فى الواطه دى ورينا راسك ده خلينا نضرب ليك رسومك !

– (يستخرج متر من جيبه ويبدأ القياس ) : طيب المحيط فى نصف القطر على باى نق تربيع .. طيب إذن المساحه تساوى مية وخمسين سنتى متر مربع والسنتى بى عشرة قروش نكون عاوزين منك كده جنيه ونص

بعد حوالى شهر وبينما كان حاج عبدالفضيل يستلقى على العنقريب فى مساء ذلك اليوم مطفئاً لمبة (الحوش) مستمتعا بضؤ القمر الفضى وهو يضع الراديو الترانزيستور على صدرة يستمع إلى ألأخبار إذا بخبطات على الباب :

– قوم يا حاج شوف الجاييينا نص الليل ده منو؟

يتجه حاج عبدالفضيل نحو الباب ، يفتحه يفاجأ بشاب تدلى من كتفه شنطة سوداء ويمسك بقلم :

– ده بيت الحاج عبدالفضيل عمر

– أيوه فى شنو ؟

– معاك شركة (قدرناه منازل) !

كسرة :

يقبع المواطن عبدالفضيل نزيلاً بالتجاني الماحي بينما يرقد المتحصل فى الغرفة 7 عنبر العظام !

[/JUSTIFY][/SIZE]

الفاتح جبرا
ساخر سبيل
[email]gabra-media@hotmail.com[/email]